الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قولكم : إن من قال : إن الأقراء الحيض ، لا يقولون بقول علي وابن مسعود ، ولا بقول عائشة ، فإن عليا يقول : هو أحق برجعتها ما لم تغتسل ، وأنتم لا تقولون بواحد من القولين ، فهذا غايته أن يكون تناقضا ممن لا يقول بذلك ، كأصحاب أبي حنيفة ، وتلك شكاة ظاهر عنك عارها عمن يقول بقول علي ، وهو الإمام أحمد وأصحابه ، كما تقدم حكاية ذلك ، فإن العدة تبقى عنده إلى أن تغتسل كما قاله علي ، ومن وافقه ، ونحن نعتذر عمن يقول : الأقراء الحيض في ذلك ، ولا يقول : هو أحق بها ما لم تغتسل ، فإنه وافق من يقول : الأقراء الحيض في ذلك ، وخالفه في توقف انقضائها على الغسل لمعارض أوجب له مخالفته ، كما يفعله سائر الفقهاء .

ولو ذهبنا نعد ما تصرفتم فيه هذا التصرف بعينه ، فإن كان هذا المعارض صحيحا لم يكن تناقضا منهم ، وإن لم يكن صحيحا ، لم يكن ضعيف قولهم في إحدى المسألتين عندهم بمانع لهم من موافقتهم لهم في المسألة الأخرى ، فإن موافقة أكابر الصحابة وفيهم من فيهم من الخلفاء الراشدين في معظم قولهم خير ، وأولى من مخالفتهم في قولهم جميعه وإلغائه بحيث لا يعتبر البتة .

[ ص: 568 ] قالوا : ثم لم نخالفهم في توقف انقضائها على الغسل ، بل قلنا : لا تنقضي حتى تغتسل ، أو يمضي عليها وقت صلاة ، فوافقناهم في قولهم بالغسل ، وزدنا عليهم انقضاءها بمضي وقت الصلاة ؛ لأنها صارت في حكم الطاهرات بدليل استقرار الصلاة في ذمتها ، فأين المخالفة الصريحة للخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية