الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والعقل والفطرة ، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له . ولعنه صلى الله عليه وسلم لهما إما خبر عن الله تعالى بوقوع لعنته عليهما ، أو دعاء عليهما باللعنة ، وهذا يدل على تحريمه وأنه من الكبائر .

والمقصود أن إيجاب القروء الثلاث في هذا الطلاق من تمام تأكيد تحريمها على الأول على أنه ليس في المسألة إجماع ، فذهب ابن اللبان الفرضي صاحب "" الإيجاز "" وغيره إلى أن المطلقة ثلاثا ليس عليها غير استبراء بحيضة ذكره عنه أبو الحسين بن القاضي أبي يعلى فقال : مسألة إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا بعد الدخول ، فعدتها ثلاثة أقراء إن كانت من ذوات الأقراء ، وقال ابن اللبان عليها الاستبراء بحيضة دليلنا قوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولم يقف شيخ الإسلام على هذا القول وعلق تسويغه على ثبوت الخلاف فقال : إن كان فيه نزاع كان القول بأنه ليس عليها ولا على المعتقة المخيرة إلا الاستبراء قولا متوجها ، ثم قال : ولازم هذا القول أن الآيسة لا تحتاج إلى عدة بعد الطلقة الثالثة . قال : وهذا لا نعلم أحدا قاله .

وقد ذكر الخلاف أبو الحسين فقال : مسألة : إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا وكانت ممن لا تحيض لصغر أو هرم ، فعدتها ثلاثة أشهر خلافا لابن اللبان أنه لا عدة عليها ، دليلنا : قوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن .

قال شيخنا : وإذا مضت السنة بأن على هذه ثلاثة أقراء لم يجز مخالفتها ، ولو لم يجمع عليها فكيف إذا كان مع السنة إجماع ؟ قال : وقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : اعتدي قد فهم منه العلماء أنها تعتد ثلاثة قروء ، فإن الاستبراء قد يسمى [ ص: 598 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية