الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فمن الأول منعه أن يقال للمنافق " يا سيدنا " وقال ( فإنه إن يك سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل ) ومنعه أن تسمى شجرة العنب كرما ، ومنعه تسمية أبي جهل بأبي الحكم ، وكذلك تغييره لاسم أبي الحكم من الصحابة بأبي شريح ، وقال : ( إن الله هو الحكم وإليه الحكم )

ومن ذلك نهيه للمملوك أن يقول لسيده أو لسيدته : ربي وربتي ، وللسيد أن يقول لمملوكه : عبدي ، ولكن يقول المالك فتاي وفتاتي ، ويقول المملوك سيدي وسيدتي ، وقال لمن ادعى أنه طبيب : ( أنت رجل رفيق ، وطبيبها الذي خلقها ) والجاهلون يسمون الكافر الذي له علم بشيء من الطبيعة حكيما ، وهو من أسفه الخلق .

[ ص: 322 ] ومن هذا قوله للخطيب الذي قال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى ( بئس الخطيب أنت )

ومن ذلك قوله : ( لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا : ما شاء الله ثم ما شاء فلان ) وقال له رجل ( ما شاء الله وشئت ، فقال : أجعلتني لله ندا ؟ قل ما شاء الله وحده )

وفي معنى هذا الشرك المنهي عنه قول من لا يتوقى الشرك : أنا بالله وبك ، وأنا في حسب الله وحسبك ، وما لي إلا الله وأنت ، وأنا متوكل على الله وعليك ، وهذا من الله ومنك ، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض ، ووالله وحياتك ، وأمثال هذا من الألفاظ التي يجعل فيها قائلها المخلوق ندا للخالق ، وهي أشد منعا وقبحا من قوله ما شاء الله وشئت .

فأما إذا قال أنا بالله ثم بك ، وما شاء الله ثم شئت ، فلا بأس بذلك كما في حديث الثلاثة ( لا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ) وكما في الحديث المتقدم الإذن أن يقال : ما شاء الله ثم شاء فلان .

التالي السابق


الخدمات العلمية