الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وهذه الغزوة كانت بعد الحديبية ، وقد وهم فيها جماعة من أهل المغازي والسير ، فذكروا أنها كانت قبل الحديبية ، والدليل على صحة ما قلناه ما رواه الإمام أحمد والحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، قال : حدثني إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : قدمت المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خرجت أنا ورباح بفرس لطلحة أنديه مع الإبل ، فلما كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة [ ص: 250 ] على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيها ) ، وساق القصة رواها مسلم في " صحيحه " بطولها . ووهم عبد المؤمن بن خلف في " سيرته " في ذلك وهما بينا ، فذكر غزاة بني لحيان بعد قريظة بستة أشهر ، ثم قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لم يمكث إلا ليالي حتى أغار عبد الرحمن بن عيينة ، وذكر القصة .

والذي أغار عبد الرحمن ، وقيل : أبوه عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ، فأين هذا من قول سلمة قدمت المدينة زمن الحديبية ؟

وقد ذكر الواقدي عدة سرايا في سنة ست من الهجرة قبل الحديبية ، فقال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول - أو قال الآخر - سنة ست من قدومه المدينة عكاشة بن محصن الأسدي في أربعين رجلا إلى الغمر ، وفيهم ثابت بن أقرم ، وسباع بن وهب ، فأجد السير ، ونذر القوم بهم ، فهربوا ، فنزل على مياههم ، وبعث الطلائع ، فأصابوا من دلهم على بعض ماشيتهم ، فوجدوا مائتي بعير ، فساقوها إلى المدينة .

وبعث سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة ، فساروا ليلتهم مشاة ، ووافوها مع الصبح ، فأغاروا عليهم ، فأعجزوهم هربا في الجبال ، وأصابوا رجلا واحدا ، فأسلم .

[ ص: 251 ] وبعث محمد بن مسلمة في ربيع الأول في عشرة نفر سرية ، فكمن القوم لهم حتى ناموا ، فما شعروا إلا بالقوم ، فقتل أصحاب محمد بن مسلمة ، وأفلت محمد جريحا .

التالي السابق


الخدمات العلمية