الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ريحان : قال تعالى : ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ) [ الواقعة : 88 ] . وقال تعالى : ( والحب ذو العصف والريحان ) [ الرحمن : 12 ] .

وفي " صحيح مسلم " عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عرض عليه ريحان ، فلا يرده ، فإنه خفيف المحمل ، طيب الرائحة )

وفي " سنن ابن ماجه " : من حديث أسامة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ألا مشمر للجنة ، فإن الجنة لا خطر لها ، هي ورب الكعبة ، نور يتلألأ ، وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ، ونهر مطرد ، وثمرة نضيجة ، وزوجة [ ص: 288 ] حسناء جميلة ، وحلل كثيرة في مقام أبدا ، في حبرة ونضرة ، في دور عالية سليمة بهية ، قالوا : نعم يا رسول الله ، نحن المشمرون لها قال : قولوا : إن شاء الله تعالى ، فقال القوم : إن شاء الله )

الريحان كل نبت طيب الريح ، فكل أهل بلد يخصونه بشيء من ذلك ، فأهل الغرب يخصونه بالآس ، وهو الذي يعرفه العرب من الريحان ، وأهل العراق والشام يخصونه بالحبق .

فأما الآس ، فمزاجه بارد في الأولى ، يابس في الثانية ، وهو مع ذلك مركب من قوى متضادة ، والأكثر فيه الجوهر الأرضي البارد ، وفيه شيء حار لطيف ، وهو يجفف تجفيفا قويا ، وأجزاؤه متقاربة القوة ، وهي قوة قابضة حابسة من داخل وخارج معا .

وهو قاطع للإسهال الصفراوي ، دافع للبخار الحار الرطب إذا شم ، مفرح للقلب تفريحا شديدا ، وشمه مانع للوباء ، وكذلك افتراشه في البيت .

ويبرئ الأورام الحادثة في الحالبين إذا وضع عليها ، وإذا دق ورقه وهو غض وضرب بالخل ، ووضع على الرأس ، قطع الرعاف ، وإذا سحق ورقه اليابس ، وذر على القروح ذوات الرطوبة نفعها ، ويقوي الأعضاء الواهية إذا ضمد به ، وينفع داء الداحس ، وإذا ذر على البثور والقروح التي في اليدين والرجلين ، نفعها .

وإذا دلك به البدن قطع العرق ، ونشف الرطوبات الفضلية ، وأذهب نتن الإبط ، وإذا جلس في طبيخه ، نفع من خراريج المقعدة والرحم ، ومن استرخاء المفاصل ، وإذا صب على كسور العظام التي لم تلتحم ، نفعها . [ ص: 289 ] ويجلو قشور الرأس وقروحه الرطبة ، وبثوره ، ويمسك الشعر المتساقط ويسوده ، وإذا دق ورقه وصب عليه ماء يسير ، وخلط به شيء من زيت أو دهن الورد ، وضمد به وافق القروح الرطبة والنملة والحمرة ، والأورام الحادة ، والشرى والبواسير .

وحبه نافع من نفث الدم العارض في الصدر والرئة ، دابغ للمعدة وليس بضار للصدر ولا الرئة لجلاوته ، وخاصيته النفع من استطلاق البطن مع السعال ، وذلك نادر في الأدوية ، وهو مدر للبول ، نافع من لذع المثانة وعض الرتيلاء ، ولسع العقارب ، والتخلل بعرقه مضر ، فليحذر .

وأما الريحان الفارسي الذي يسمى الحبق ، فحار في أحد القولين ، ينفع شمه من الصداع الحار إذا رش عليه الماء ، ويبرد ، ويرطب بالعرض ، وبارد في الآخر ، وهل هو رطب أو يابس ؟ على قولين .

والصحيح : أن فيه من الطبائع الأربع ، ويجلب النوم ، وبزره حابس للإسهال الصفراوي ، ومسكن للمغص ، مقو للقلب ، نافع للأمراض السوداوية .

التالي السابق


الخدمات العلمية