الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  معلومات الكتاب

                                                                  موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

                                                                  القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

                                                                  [ ص: 60 ] الواجبات والسنن الظاهرة واللوازم بإفساده

                                                                  أما الواجبات الظاهرة فستة :

                                                                  الأول : مراقبة أول شهر رمضان وذلك برؤية الهلال فإن غم فاستكمال ثلاثين يوما من شعبان ، ونعني بالرؤية العلم ، ويحصل بذلك قول عدل واحد . ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة ، ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزمه الصوم وإن لم يقض القاضي به .

                                                                  الثاني : النية ، ولا بد لكل ليلة من نية معينة جازمة ينوي فريضة صوم رمضان لله تعالى .

                                                                  الثالث : الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمدا مع ذكر الصوم فيفسد صومه بالأكل والشرب والسعوط والحقنة ، ولا يفسد بالفصد والحجامة والاكتحال وإدخال الميل في الأذن والإحليل وما يصل بغير قصد من غبار الطريق أو ذبابة تسبق إلى جوفه ، أو ما يسبق إلى جوفه في المضمضة فلا يفطر إلا إذا بالغ في المضمضة فيفطر لأنه مقصر ، وهو الذي أردنا بقولنا عمدا . فأما ذكر الصوم فأردنا به الاحتراز عن الناسي فإنه لا يفطر .

                                                                  الرابع : الإمساك عن الجماع ، فإن جامع ناسيا لم يفطر ، وإن جامع ليلا واحتلم فأصبح جنبا لم يفطر .

                                                                  الخامس : الإمساك عن الاستمناء وهو إخراج المني قصدا بجماع أو بغير جماع فإن ذلك يفطر ، ولا يفطر بقبلة زوجته ولا بمضاجعتها ما لم ينزل لكن يكره ذلك إلا أن يكون شيخا أو مالكا لإربه فلا بأس بالتقبيل ، وتركه أولى .

                                                                  السادس : الإمساك عن إخراج القيء فالاستقاء يفسد الصوم ، وإن ذرعه القيء لم يفسد صومه ، وإذا ابتلع نخامة من حلقه أو صدره لم يفسد صومه رخصة لعموم البلوى به إلا أن يبتلعه بعد وصوله إلى فيه فإنه يفطر عند ذلك .

                                                                  وأما لوازم الإفطار فأربعة

                                                                  القضاء ، والكفارة ، والفدية ، وإمساك بقية النهار تشبها بالصائمين :

                                                                  أما القضاء فوجوبه عام على كل مسلم مكلف ترك الصوم بعذر أو بغير عذر ، فالحائض تقضي الصوم وكذا المرتد . أما الكافر والصبي والمجنون فلا قضاء عليهم . ولا يشترط التتابع في قضاء رمضان ولكن يقضي كيف شاء متفرقا ومجموعا .

                                                                  وأما الكفارة فلا تجب إلا بالجماع ، وما عداه لا تجب به كفارة ، والكفارة عتق رقبة فإن أعسر فصوم شهرين متتابعين ، وإن عجز فإطعام ستين مسكينا مدا مدا .

                                                                  وأما إمساك بقية النهار فيجب على من عصى بالفطر أو قصر فيه . ويجب الإمساك إذا شهد بالهلال عدل واحد يوم الشك . والصوم في السفر أفضل من الفطر إلا إذا لم يطق .

                                                                  [ ص: 61 ] وأما الفدية فتجب على الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على ولديهما لكل يوم مد حنطة لمسكين واحد مع القضاء ، والشيخ الهرم إذا لم يصم تصدق عن كل يوم مدا .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية