الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم تكلم على حكم تعدد الفوائد بقوله ( وتضم ) الفائدة الأولى حال كونها ( ناقصة ) عن نصاب ( وإن ) كان نقصها ( بعد تمام ) بأن كانت نصابا ونقصت قبل أن حال عليها الحول ( لثانية ) نصابا أو أقل فإن حصل منهما نصاب حسب حولهما من يوم الثانية ويصيران كالشيء الواحد كما لو كانت الأولى في المحرم عشرة والثانية في رمضان كذلك فإن حولهما معا رمضان وتبقى الثالثة على حولها ( أو ) يضمان ل ( ثالثة ) إن لم يحصل من مجموع الأولين نصاب كما لو كانت الأولى خمسة والثانية خمسة والثالثة عشرة وهكذا لرابعة وخامسة ( إلا ) أن تنقص الأولى ( بعد حولها كاملة ) وتزكيتها وفيها مع ما بعدها نصاب ( فعلى حولها ) ولا تضم لما بعدها ويزكي كلا على حولها بالنظر للأخرى ما دام في مجموعهما نصاب كعشرين محرمية حال عليها الحول فأنفق منها عشرة واستفاد عشرة رجبية فإذا جاء المحرم زكى عشرته وإذا جاء رجب زكى الأخرى ( كالكاملة أولا ) وبقيت على كمالها [ ص: 464 ] فلا تضم لما بعدها بالأولى فهي كالدليل لما قبلها كأنه قال لأنها كالكاملة ( وإن نقصتا ) معا عن النصاب بعد تقرر الحول لهما كضرورة المحرمية خمسة والرجبية مثلها فإن حال عليهما الحول الثاني ناقصتين بطل حولهما ورجعتا كمال واحد لا زكاة فيه ، وإن اتجر قبل مرور الحول الثاني عليهما ( فربح فيهما أو في إحداهما تمام نصاب ) فلا يخلو وقت التمام من خمسة أوجه أشار للأول منها بقوله فإن حصل التمام ( عند حول الأولى ) محرم ( أو قبله ) كذي الحجة ( فعلى حوليهما ) محرم ورجب ( وفض ربحهما ) عليه على حسب عدديهما إن خلطهما وإلا زكى كل واحدة وربحها قل أو كثر وأشار إلى الثاني بقوله ( و ) إن حصل الربح ( بعد شهر ) من حول الأولى كربيع ( فمنه ) أي انتقل إليه حول الأولى وصار منه ( و ) تبقى ( الثانية على حولها ) وأشار للثالث بقوله ( و ) إن حصل الربح ( عند حول الثانية ) رجب فمنه وللرابع بقوله ( أو ) اتجر في إحداهما أو فيهما وربح و ( شك فيه ) أي في وقت حصوله ( لأيهما ) أي عند حول حصل هل عند حول الأولى أو الثانية أو بينهما أو بعدهما ( فمنه ) أي فيزكيان من حول الثانية وليس المراد شك في الربح لأي الفائدتين وإن علم وقته لأنه إذا علم الوقت اعتبر وجعل للثانية وللخامس بقوله ( كعبده ) أي كحصول الربح بعد الحول أي حول الثانية كرمضان أي ينتقل حولها لذلك البعد لا الثانية فالتشبيه في مطلق الانتقال لا في المنتقل إليه ( وإن حال حولها ) أي الفائدة الكاملة ( فأنفقها ) بعد زكاتها أو ضاعت قبل حول الثانية الناقصة ( ثم حال حول الثانية ) الرجبية ( ناقصة فلا زكاة ) فيها لأنها لم تجتمع مع الأولى في كل الحول مع نفادها بخلاف لو بقيت لزكى الثانية نظرا للأولى .

التالي السابق


( قوله وتضم ناقصة ) اعلم أن أقسام الفوائد أربعة إما كاملتان أو ناقصتان أو الأولى كاملة والثانية ناقصة أو العكس فالكامل لا يضم للناقص الذي بعده كامل يضم إليه والناقص بعد الكامل لا يضم لسبقه بالكامل والناقص يضم بعده كما يضم للكامل بعده ( قوله والثانية في رمضان كذلك ) أي عشرة أي أو عشرين أو أكثر ( قوله وتبقى الثالثة على حولها ) أي فتزكى على حولها وإن كانت أقل من نصاب لأن الكامل لا يضم لغيره والناقص لا يضم للكامل قبله كما علمت ، وهذا كله بالنسبة للعين وأما الماشية فقد تقدم أن ما حصل من فائدتها ولو بعد النصاب فإنه يضم

والحاصل أن الفائدة في العين لا تضم لما قبلها إذا كان نصابا وتضم له إذا كان أقل وأما الماشية فتضم الفائدة فيها لما قبلها إن كان نصابا كانت هي نصابا أم لا لا إن كان أقل من نصاب فلا تضم له مطلقا كانت نصابا أو أقل ( قوله وهكذا الرابعة ) أي وهكذا تضم الثلاثة لرابعة والأربعة لخامسة إلى أن يكمل النصاب فإذا كمل النصاب وقف عن الضم ويصير لما بعده حول مؤتنف فيزكى لحوله وإن كان أقل من النصاب ( قوله إلا بعد حولها كاملة ) هذا مستثنى من قوله وتضم ناقصة لثانية أي إلا إذا انقضت الأولى بعد أن حال حولها وهي كاملة فإنها لا تضم لما بعدها وتزكى على حولها ( قوله وتزكيتها ) أي واستحقاقها للتزكية سواء زكيت بالفعل أم لا فهو لازم لما قبله كذا قرر بن وعبق وسلمه شيخنا ( قوله فإذا جاء المحرم زكى عشرته ) استشكله في التوضيح بما حاصله أنه إذا زكينا الأولى عند مجيء حولها فإما أن ننظر في زكاتها للثانية أو لا فإن نظرنا في زكاتها للثانية قال شارحنا ورد عليه أن الثانية لم تجتمع مع الأولى في كل الحول وحينئذ فيلزم اعتبار المال قبل في حوله في وجوب الزكاة لأن الفرض أن الثانية لم يحل حولها وإن لم ننظر للثانية لزم زكاة ما دون النصاب ولأجل استشكاله بذلك استظهر قول ابن مسلمة من ضم الأولى للثانية في الحول كما لو نقصت الأولى قبل أن يحول عليها الحول وهي كاملة وقد أجيب عن ذلك الإشكال باختبار الشق الأول ونقول إن هذا فرع مشهور مبني على ضعيف وهو قول أشهب أنه يكفي في إيجاب الزكاة في المالين القاصر كل منهما عن النصاب ومجموعهما نصاب اجتماعهما في الملك وبعض الحول ( قوله وإذا جاء رجب زكى الأخرى ) أي وهكذا ما دام في مجموعهما نصاب فإن نقصتا ضمتا لما بعدهما إن مر عليهما الحول ناقصتين وأما إن كملتا قبل مروره عليهما ناقصتين بقيتا على حوليهما .

[ ص: 464 ] قوله فلا تضم لما بعدها ) أي ولا يضاف أيضا ما بعدها إليها ولو كان ناقصا ( قوله وإن نقصتا معا ) أي والحال أنه ليس بعدهما ما يكمل به النصاب بدليل قوله فربح تمام نصاب وأما إن نقصتا عن النصاب وبقي من مجموعهما نصاب فكل على حولها ، وكذا لو كان فيهما مع ما بعدهما نصاب فكل على حوله أي أنه يزكي الأولى في حولها نظرا للثانية والثالثة والثانية يزكيها في حولها نظرا للأولى والثانية والثالثة يزكيها في حولها نظرا للثانية والأولى ( قوله ناقصتين ) أي ليس بعدهما ما يضمان إليه ( قوله ورجعتا كمال إلخ ) فإن أفاد من غيرهما ما يتم به معهما ما فيه الزكاة استقبل بالجميع حولا من يوم أفاد المال الثالث هذا كله ما لم يتجر فيهما أو في أحدهما قبل مضي الحول الثاني ويربح ما يكمل به النصاب ( قوله عند حول الأول أو قبله ) عد هذين وجها واحدا وعد قوله وعند حول الثانية أو شك فيه لأيهما وجهين والظاهر العكس ا هـ بن ( قوله فعلى حوليهما ) أي فيبقيان على حوليهما أو فهما باقيتان على حوليهما لكن جعل الجواب جملة اسمية أكثر قاله البدر ( قوله وإلا زكى ) أي وإلا يخلطهما زكى كل واحدة وربحها عند حولها قل ربحها أو كثر ( قوله فمنه ) أي انتقلت الأولى إلى حول الثانية وزكيتا معا عنده ( قوله أي عند أيهما ) أشار إلى أن اللام بمعنى عند ( قوله وإن علم وقته ) الواو للحال وإن زائدة ( قوله اعتبر ) أي ويجري على ما ذكر من التفصيل وقوله وجعل أي الربح للثانية فإن حصل الربح عند حول الأولى أو قبله وشك في الربح لأي الفائدتين فكل على حولها ويزكي الربح مع الثانية وإن حصل الربح بعد حول الأولى بشهر انتقل حول الأولى إليه والثانية على حولها تزكى فيه مع الربح وإن حصل الربح عند حول الثانية انتقلت الأولى لحول الثانية وزكيتا معا والربح عنده .

( قوله أي كحصول الربح بعد الحول إلخ ) أي حول الثانية أشار الشارح بهذا إلى أن الكاف في قول المصنف كبعده داخلة على محذوف لا على بعد فاندفع ما يقال إن بعد ملازمة للنصب على الظرفية ولا تجر إلا بمن فكيف يجرها المصنف بالكاف ( قوله في مطلق الانتقال ) الأولى في مطلق الانتقال المتأخر ( قوله وإن حال حولها فأنفقها إلخ ) اعلم أن كلام المصنف محمول على ما إذا كان للشخص فائدتان لا تضم إحداهما للأخرى كما لو كان عنده عشرون محرمية حال حولها ثم صارت بعد الحول عشرة واستفاد بعد ذلك في رجب عشرة فإنه إذا جاء المحرم وعنده العشرون فإنه يزكي العشرة المحرمية بالنظر للعشرة الرجبية فإذا أنفقها أي المحرمية أو تلفت بعد الزكاة فلا زكاة عليه في العشر الرجبية لقصورها عن النصاب لأنها إنما كانت تزكى نظرا للأولى وإنما حملنا كلام المصنف على ما إذا كانت الفائدتان لا تضم إحداهما للأخرى لأنه أثبت لكل من الأولى والثانية حولا ، وهذا الحملللشيخ أحمد الزرقاني وحمله بعضهم وهو الشارح بهرام والمواق وتت على ما إذا كانت الفائدتان تضم إحداهما للأخرى مثل أن يستفيد عشرة فتبقى بيده ستة أشهر ثم يستفيد عشرة فأقامت بيده ستة أشهر فحال الحول على الأولى فأنفقها ثم أقامت الثانية ستة أشهر فتم حولها فلا زكاة عليه لأنه لم يجمعهما حول وهذا التقرير وإن كان صحيحا فقها لكنه بعيد من كلام المصنف وذلك لانتقال الحول للأولى لأنها تضم للثانية و المصنف قد أثبت لها حولا كما أثبت للثانية إلا أن يقال إنه جعل لكل واحدة حولا نظرا للظاهر وإن لم يكن للأولى حول شرعا لأن الحول [ ص: 465 ] في عرفهم إنما يكون للكاملة وجعل ح كلام المصنف شاملا لهما فهو أتم فائدة كذا قرر شيخنا .




الخدمات العلمية