الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما أنهى الكلام على الميقات وأهله شرع في تقسيم المار به بالنسبة لوجوب إحرامه وعدمه إلى ستة أقسام ; لأنه إما مريد لمكة ، أو لا ، والمريد إما أن يتردد ، أو لا فهذه ثلاثة وفي كل إما أن يكون مخاطبا بالحج ، أو لا فقال :

( والمار به ) أي بالميقات ( إن لم يرد مكة ) بأن كانت حاجته دونها ، أو في جهة أخرى كان ممن يخاطب بالحج ، أو لا ( أو ) يريدها إلا أنه لا يخاطب بالحج ( كعبد ) وصبي ومجنون ، أو يخاطب به ولا يصح منه ككافر ( فلا إحرام عليه ولا دم ) في مجاوزة الميقات حلالا ( وإن ) بدا له دخولها بعد مجاوزته ، أو أذن الولي للعبد ، أو الصبي ، أو أعتق أو أفاق المجنون ، أو المغمى عليه أو أسلم الكافر و ( أحرم ) واحد منهم بفرض ، أو نفل ، وإنما لم يلزمهم الدم ; لأنهم جاوزوا الميقات قبل توجه الخطاب عليهم في غير الكافر ، والكافر جاوزه في وقت لا يصح منه الإحرام .

التالي السابق


( قوله : وفي كل إما أن يكون مخاطبا بالحج إلخ ) حاصل ما ذكره المصنف في حكم هذه الأقسام الستة أن المار بالميقات إن لم يرد مكة سواء كان مخاطبا بالحج ، أو لا أو أرادها وكان غير متردد وهو غير مخاطب بالحج ، أو أرادها وهو متردد سواء كان مخاطبا به أو لا ففي هذه الأحوال الخمسة لا يجب عليه الإحرام ولا دم في مجاوزته حلالا ومثل ذلك ما إذا خرج من مكة لمكان قريب عازما على عدم العود لها ولو أقام به كثيرا ، ثم عاد لأمر عاقه عن السفر ، أو خرج لمكان قريب وهو يريد العود ولم يقم به كثيرا وأما إذا أرادها وهو ممن يخاطب بالحج وكان غير متردد فيجب عليه الإحرام من الميقات وأثم إن جاوزه حلالا ولا دم عليه إن أرادها لغير نسك كتجارة ، أو لكونها بلده فإن كان أرادها لنسك لزمه الدم بمجاوزة الميقات حلالا إذا لم يرجع له ، ويحرم منه فإذا جاوز الميقات حلالا وأحرم بعده ثم رجع للميقات فلا يسقط الدم عنه ولا ينفعه رجوعه للميقات في سقوط الدم إلا إذا رجع له قبل أن يحرم من غيره . ( قوله : كان ممن يخاطب به ) أي بأن كان حرا مكلفا . ( قوله : وإن بدا له دخولها ) هذا مبالغة في قوله ولا دم وهذا راجع لقوله إن لم يرد مكة ، أو " أذن إلخ " راجع لقوله ، " أو يريدها إلخ " فهو لف ونشر مرتب . ( قوله : أو أذن الولي للعبد ، أو الصبي ) أي في الإحرام بعد مجاوزته . ( قوله : وأحرم واحد منهم بفرض ، أو نفل ) أي بعد مجاوزة الميقات .




الخدمات العلمية