الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأشار للثاني بقوله ( و ) نقض ( بشك ) أي تردد مستو فأولى بظن بخلاف الوهم ( في ) حصول ( حدث ) أي ناقض [ ص: 123 ] فيشمل السبب ما عدا الشك في الردة فلا أثر له لا في وضوء ولا غيره ( بعد طهر علم إلا ) الشك ( المستنكح ) بكسر الكاف أي الذي يعتري صاحبه كثيرا بأن يأتي كل يوم ولو مرة فلا ينقض ولا يضم شك في المقاصد كالصلاة إلى شك في الوسائل كالوضوء ، فإذا كان يأتيه يوما في الصلاة وآخر في الوضوء نقض وأما عكس كلام المصنف وهو الشك في حصول الطهارة بعد حدث علم فلا بد فيه من الطهارة ولو مستنكحا ( و ) نقض ( بشك في سابقهما ) أي في السابق من الطهر والحدث سواء كانا محققين أو مشكوكين أو أحدهما محققا والثاني مشكوكا فهذه أربع صور وسواء كان مستنكحا أم لا بدليل تأخيره عن المستنكح

التالي السابق


( قوله : ونقض بشك في حدث بعد طهر علم ) هذا هو المشهور من المذهب وقيل : لا ينتقض الوضوء بذلك غاية الأمر أنه يستحب الوضوء فقط مراعاة لمن يقول بوجوبه والأول نظر إلى أن الذمة عامرة فلا تبرأ إلا بيقين والثاني نظر إلى استصحاب ما كان فلا يرتفع إلا بيقين قال ابن عرفة من تأمل علم أن الشك في الحدث شك في المانع لا فيما هو شرط في غيره ; لأن المشكوك فيه في مسألة المصنف الحدث لا الوضوء والمعروف إلغاء الشك في المانع فكان الواجب طرح ذلك الشك وإلغاءه ا هـ وإنما كان الشك في المانع غير مؤثر ; لأن الأصل بقاء ما كان على حاله وعدم طرو المانع وكان الشك في الشرط يؤثر البطلان ; لأن الذمة عامرة لا تبرأ إلا بيقين ورد عليه بأن قوله : المشكوك فيه الحدث لا الوضوء غير صحيح ; لأن الشك في أحد المتقابلين يوجب الشك في الآخر فمن شك في وجود زيد في الدار فقد شك في عدم كونه [ ص: 123 ] فيها ومن شك في وجود الحدث فقد شك في وجود الطهارة حين شكه وهو ظاهر وحينئذ فالشك في مسألة المصنف شك في الشرط وهو مؤثر نقله بن عن شيخه سيدي أحمد بن مبارك وقد يقال الحق ما قاله ابن عرفة من أن الشك في مسألة المصنف إنما هو المانع .

وأما الشك في الشرط فلا يظهر إلا إذا تيقن الحدث وشك في الوضوء والكلام هنا في عكس ذلك وإن أراد اللزوم فكل شك في المانع يستلزم الشك في الشرط .

إن قلت حيث كان التحقيق : إن الشك في الحدث شك في المانع فلم اعتبر وجعل ناقضا على المذهب مع أن الشك في المانع يلغى كالشك في الطلاق والعتاق والظهار وحصول الرضاع قلت كأنهم راعوا سهولة الوضوء وكثرة نواقضه فاحتاطوا لأجل الصلاة قرره شيخنا هذا وذكر ح عن سند أن الشك في الحدث له صورتان الأولى من شك هل أحدث أم لا بعد وضوئه والمذهب أنه يتوضأ والثانية أن يتخيل له أن شيئا حاصلا منه بالفعل لا يدري هل هو حدث أو غيره وظاهر المذهب أنه لا شيء عليه ; لأن هذا من الوهم فلذا ألغي ( قوله : فيشمل السبب ) أي فإذا شك هل حصل منه لمس بلذة أو مس لذكره أو لم يحصل انتقض وضوءه ( قوله : ولا غيره ) أي فإذا شك هل حصلت منه ردة أو لا ، فإنه لا يضر وضوءه ولا يجري عليه أحكامها ( قوله : إلا المستنكح ) أي فإنه لا ينقض ( قوله : بأن يأتي كل يوم ولو مرة ) .

وأما لو أتى يوما بعد يوم ، فإنه ينقض وقال عج الأليق بالحنيفية السمحة أي بالملة الإسلامية السهلة أن إتيانه يوما بعد يوم مستنكح كالمساوي في السلس فأجراه عليه لكن قدح في ذلك بعض الأشياخ ولم يسلمه كما قال شيخنا ( قوله : ولا يضم شك في المقاصد إلخ ) وأما الشك في الوسائل فيضم بعضه لبعض فإذا أتاه الشك يوما في الغسل ويوما في الوضوء فلا نقض والحاصل أن الطهارة كلها شيء واحد فيضم الشك في الوضوء للشك في الغسل والنجاسة وكذا العكس كما قرره شيخنا ( قوله : وسواء كان مستنكحا أم لا ) هذا هو التحقيق كما في طفى نقلا عن عبد الحق خلافا لعبق حيث قيده بغير المستنكح وجعل في كلام المصنف حذفا من الثاني لدلالة الأول .

( تنبيه ) لو شك هل غسل وجهه أم لا أتى به وهل ولو مستنكحا أو يلهى عنه كما في الصلاة واستظهره شيخنا




الخدمات العلمية