الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وللولي منع سفيه ) من حج ، ولو فرضا ( كزوج ) له منع زوجته الرشيدة ( في تطوع ) من حج أو عمرة لا فرض ، وأما السفيهة فداخلة فيما قبله من المنع مطلقا ( وإن ) ( لم يأذن ) كل من الولي والزوج لهما في الإحرام ، وأحرما ( فله التحلل ) لهما مما أحرما به كتحلل المحصر ( وعليها ) أي الزوجة ( القضاء ) لما حللها منه إذا أذن لها أو تأيمت بخلاف السفيه والصغير إذا حللهما وليهما فلا قضاء ( كعبد ) ، ولو مكاتبا لسيده تحليله ، وعليه القضاء إذا أذن له أو عتق ( وأثم من لم يقبل ) ما أمر به الولي أو الزوج أو السيد من التحلل ( وله ) أي للزوج إذا امتنعت الزوجة من التحلل [ ص: 98 ] ( مباشرتها ) كارهة ، والإثم عليها وشبه في جواز تحليلها من التطوع قوله : ( كفريضة ) أحرمت بها بغير إذنه ( قبل الميقات ) الزماني أو المكاني ببعد واحتاج لها ، ولم يحرم ، وإلا لم يحللها فإن حللها لم يلزمها غير حجة الفريضة ( وإلا ) بأن أذن الولي للسفيه أو السيد أو الزوج لزوجته في التطوع ( فلا ) منع له بعد الإذن ( إن دخل ) كل في الإحرام أو في النذر المأذون فيه .

التالي السابق


( قوله : فداخلة فيما قبله ) أي فالذي يمنعها في الفرض وليها ، وإن كان زوجها وليها كان له منعها من حيث إنه ولي لا من حيث إنه زوج ( قوله : فله التحلل لهما ) أي فله أن يأمرهما بأن يتحللا بالنية ، وليس المراد أن الولي أو الزوج هو الذي يتحلل لهما بأن ينوي تحليل امرأته أو محجوره كما هو ظاهره ; لأن هذا لا يكفي كما يدل لذلك ما يأتي عن بن لكن الذي ذكره بعض الشراح ، وقرره شيخنا أيضا أن قوله فله التحلل أي فله أن يحللهما بالنية بأن ينوي تحللهما ورفض إحرامهما ، وهذا هو الحق ، ويدل له ما تقدم في أول الباب عند قوله فيحرم ولي عن رضيع إلخ ( قوله : كتحلل المحصر ) أي عن الوقوف والبيت من جهة أن كلا بالنية ( قوله : بخلاف السفيه إلخ ) هذا هو الذي نقله المصنف عن سند ، وهو خلاف ما صرح به ابن رشد في البيان من لزوم القضاء في السفيه والزوجة والعبد ، وعزاه لمذهب ابن القاسم وروايته عن مالك ، وعزا القول [ ص: 98 ] بسقوطه في الجميع لأشهب وابن المواز انظر ح . ا هـ بن والحاصل أن المسألة ذات أقوال ثلاثة : لزوم الزوجة والسفيه والعبد القضاء . وعدم لزوم واحد منهم القضاء . ولزوم الزوجة والعبد دون السفيه ، وهذا هو الذي مشى عليه المصنف تبعا لسند ثم إن الفرق بين الزوجة وغيرها على طريقة سند أن الحجر على السفيه والصغير قوي ; لأنه لحق نفسه فلذا لم يطلب بالقضاء ، والحجر على الزوجة ضعيف ; لأنه لحق الغير فلذا طلبت بالقضاء . واعلم أن الخلاف المذكور محله إذا كان التحلل من غير حجة الإسلام بأن كان من حج التطوع أو المنذور سواء كان معينا أو مضمونا ، وأما إذا كان التحلل من حجة الإسلام فلا يطالب واحد منهم بزائد عن حجة الإسلام قضاء عما وقع التحلل فيه . ( قوله : مباشرتها ) قال خش ، وينوي بتلك المباشرة التحلل وتكفي نية الزوج عنها فإن لم ينو تحللها بالمباشرة فسد عليها ، وعليها إتمامه ، وهدي للفساد ، ويجب على الزوج تمكينها من إتمام المفسد . ا هـ .

ومثله في المج قال بن ، وفيه نظر فإن ظاهر كلامهم أن نية الزوج تحليلها لا يكفي ، وأنه لا بد من نية المحرم ، ويدل على هذا قول المصنف كغيره ، وأثم من لم يقبل قال في التوضيح أي إن لم تقبل ما أمرها به من التحلل أثمت لمنعها حقه فهذا صريح في أن التحلل إنما يقع من المحرم لا من غيره . ا هـ كلامه . وهذا الاعتراض مبني على أن المراد بقوله ، وأثم من لم يقبل أي ما أمر به من التحلل كما صرح به شارحنا تبعا للتوضيح أما على ما قاله بعض الشراح من أن المراد ، وأثم من لم يقبل ما أمر به من عدم الإحرام فلا اعتراض . وحاصله أن السفيه والعبد والمرأة إذا أمروا بعدم الإحرام فخالفوا ، وأحرموا فإن الإثم عليهم لعدم قبولهم ما أمروا به ( قوله : كفريضة ) أي كما أن له تحليلها ، ومباشرتها إذا أحرمت بفريضة قبل الميقات الزماني ، ولو كان إحرامها من الميقات المكاني أو قبل الميقات المكاني ، ولو كان إحرامها في الميقات الزماني بقيود ثلاثة أن يكون إحرامها قبل الميقات بغير إذنه ، وأن يكون محتاجا إليها للجماع ، وأن لا يحرم هو أيضا فإن تخلف قيد من القيود الثلاثة لم يكن له تحليلها كما أشار له بقوله ، وإلا لم يحللها .

( قوله : وإلا ) أي بأن لم يحتج لها أو كان يحتاج لها ، وأذن لها أو أحرم فالنفي راجع للقيود الثلاثة ، وقوله فإن حللها أي فإن أحرمت قبل الميقات بغير إذنه ، وكان محتاجا إليها ، ولم يحرم وحللها ، وقوله لم يلزمها غير حجة الفريضة أي لم يلزمها أن تقضي إلا إذا كانت تلك الحجة حجة الإسلام ، ومثل ما إذا حللها ما إذا أفسده عليها بأن باشرها ، ولم ينو بها التحلل فيجب عليها إتمامها ، ولا يلزم قضاؤها إلا إذا كانت تلك الحجة حجة الإسلام كما نقله المواق عن ابن رشد ، وصرح به اللخمي خلافا لما في عبق من أنه يلزمها حجتان إحداهما قضاء للمفسدة والأخرى حجة الإسلام .




الخدمات العلمية