الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن ) ( مات ) المستأمن ( عندنا فماله ) وديته إن قتل ( فيء ) في بيت المال ( إن لم يكن معه ) ببلدنا ( وارث ) فإن كان معه وارث في دينهم ولو ذا رحم فماله له دخل على التجهيز أم لا [ ص: 187 ] ( ولم يدخل ) بلدنا ( على التجهيز ) بل دخل على الإقامة ولو بالعادة ، أو جهل ما دخل عليه أو لا عادة ، وكذا إن دخل على التجهيز أو العادة ذلك وطالت إقامته عندنا فيهما ، ومحل كون ماله فيئا ما لم ينقض العهد ويحارب فيؤسر قتل أو لم يقتل فإنه يكون لمن أسره ، وماله لمن قتله كما أشار له بقوله ( و ) ماله ( لقاتله ) من جيش أو سرية أو بعض المسلمين ( إن ) نقض العهد ، و ( أسر ثم قتل ) أي أو لم يقتل فلا مفهوم للقتل ثم إن كان من أسره من الجيش أو مستندا له خمس كسائر الغنيمة ، وإلا اختص به وكان الأولى تأخير هذه عن قوله قولان ; لأنها جارية في قوله ، وإن مات عندنا إلخ ، وفي قوله وإلا أرسل مع ديته إلخ وفي قوله كوديعته فهو كالمستثنى من الثلاث ( وإلا ) بأن دخل على التجهيز أو كانت العادة ذلك ، ولم تطل إقامته فيها ( أرسل ) ماله ( مع ديته ) إن قتل ظلما أو في معركة قبل أسره ( لوارثه ) ، ولا حق للمسلمين في ذلك .

فقوله وإلا راجع للشرط الثاني فقط أي قوله : ولم يدخل على التجهيز ( كوديعته ) التي تركها عندنا وسافر لبلده فمات فترسل لوارثه ( وهل ) مطلقا ( إن قتل في معركة ) بينه وبين المسلمين من غير أسر ( أو ) هي في هذه الحالة ( فيء ) لبيت المال لا ترسل ( قولان ) ومحلهما إذا دخل على التجهيز أو كانت العادة ذلك ، ولم تطل إقامته فإن طالت كان ماله ولو وديعة فيئا ، كما تقدم فإن أسر في المعركة اختص به آسره إن لم يكن جيشا ، ولا مستندا له ، وإلا خمس كما مر ، ووديعته كذلك .

التالي السابق


( قوله : وإن مات عندنا إلخ ) الذي يدل عليه كلام ابن عرفة أن الصور أربع ; لأن الحربي إما أن يموت عندنا ، وإما أن يموت في بلده ويكون له مال [ ص: 187 ] عندنا نحو وديعة ، وإما أن يؤسر ، وأما أن يقتل في معركة فأشار المصنف إلى الأولى بقوله : وإن مات عندنا إلخ مع قوله : وإلا أرسل مع ديته ، وأشار للثانية بقوله : كوديعته فالتشبيه تام كما في خش والشيخ سالم ، ويدل عليه كلام ابن عرفة وأشار للثالثة بقوله : ولقاتله إن أسر فهو قسيم لما قبله ولما بعده فلا يتوهم رجوعه لهما خلافا لما توهمه عبق عن شيخه وتبعهما الشارح ، وأشار للرابعة بقوله ، وهل إن قتل في معركة قولان هذا تحقيق كلام المصنف وبه تعلم ما في كلام عبق من الخلل وتبعه الشارح قال ابن عرفة الصقلي عن محمد عن ابن القاسم وأصبغ حكم ماله عندنا في موته ببلده كموته عندنا ، وماله في موته بعد أسره لمن أسره ، ولو قتل في معركة ففي كونه لوارثه أو فيئا لا يخمس نقلا الصقلي عن محمد وابن حبيب مع نقله عن ابن القاسم وأصبغ . ا هـ .

وبه تعلم أن المراد بقوله : كوديعته ، المال المتروك عندنا لا خصوص الوديعة العرفية ( قوله : ولم يدخل على التجهيز ) أي لم يدخل على أنه يقضي حاجته ثم يذهب لبلاده ( قوله : وطالت إقامته عندنا فيهما ) أي ففي هذه الصور الخمس يكون ماله وديته فيئا ( قوله : فإنه ) أي مع ماله يكون لمن أسره إذا لم يقتل ، وقوله : وماله لمن قتله أي إذا قتل ( قوله : أي أو لم يقتل ) أي أو حارب وأسر ولم يقتل بل مات حتف أنفه فماله لمن أسره ( قوله : فلا مفهوم للقتل ) إلا أنه إذا لم يقتل بل مات حتف أنفه فماله لمن أسره ، وإن قتل فماله لقاتله ( قوله : وكان الأولى تأخير هذه عن قوله إلخ ) أي بحيث يقول وإن مات عندنا فماله فيء إن لم يكن معه وارث ولم يدخل على التجهيز ، وإلا أرسل مع ديته لوارثه كوديعته ، وهل إن قتل في معركة أو فيء قولان ولقاتله إن أسر ثم قتل ( قوله : لأنها جارية إلخ ) أي فكأنه قال ، وإن مات عندنا فماله فيء إن لم يكن معه وارث ، ولم يدخل على التجهيز ما لم يؤسر حيا ثم يموت ، وإلا كان ماله لآسره ، وإن دخل على التجهيز أرسل ماله لوارثه ما لم يؤسر حيا ثم يموت ، وإلا كان ماله لآسره ، ووديعته ترسل لوارثه ما لم يؤسر عندنا ويموت ، وإلا كانت لآسره هذا حاصل كلام الشارح .

وقد علمت أن الصواب أن قوله ولقاتله إن أسر ثم قتل ليس راجعا لما قبله ، ولا لما بعده بل هو كلام مستقل على حدة ( قوله : ولم تطل إقامته ) أي ، ومات عندنا ( قوله : أو في معركة ) الصواب حذف ذلك إذ لا دية له إن قتل في معركة . ا هـ بن . ( قوله : لوارثه ) فإن لم يكن له وارث في بلده أرسل لأساقفتهم من أهل دينه ( قوله : وهل مطلقا إلخ ) أي ، وهل يرسل ماله ووديعته لوارثه حيث دخل على التجهيز ومات عندنا ، وإن قتل في معركة فهذا راجع لقوله وإلا أرسل ماله لوارثه ولقوله كوديعته فالقولان لا يختصان الوديعة العرفية كما زعمه عبق بل موضوعهما المال المتروك عندنا مطلقا كما تقدم عن ابن عرفة ، ومن فرضهما في الوديعة كما في التوضيح وغيره فالظاهر أن مرادهم بالمال المستودع المتروك عند المسلمين كما يؤخذ من كلامهم لا خصوص الوديعة العرفية . ا هـ بن .

( قوله : وهي في هذه الحالة فيء ) ظاهره أن الضمير للوديعة والأولى وهما أي المال الوديعة إلا أن يقال أراد الوديعة المال المتروك عند المسلمين لا خصوص الوديعة العرفية ( قوله : ولم تطل إقامته ) أي بل مات عندنا بقرب دخوله عندنا أو رجع لبلده ومات فيها ( قوله : فإن طالت ) أي ، ومات عندنا ( قوله : ووديعته كذلك ) أي تكون لآسره يختص بها إن لم يكن جيشا ، ولا مستندا إليه ، وإلا خمست .




الخدمات العلمية