الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما كانت غير المجبرة لا بد من إذنها ورضاها بينه بقوله ( ورضاء البكر ) بالزوج والصداق ( صمت ) يعني صمتها رضا ولا يشترط نطقها ( كتفويضها ) للولي في العقد فيكفي صمتها بأن قيل لها هل تفوضين له في العقد أو نشهد عليك أنك قد فوضت العقد له ؟ فسكتت ( وندب إعلامها به ) أي بأن صمتها رضا منها ( ولا يقبل منها ) بعد العقد ( دعوى جهله ) أي جهلها أن صمتها رضا ( في تأويل الأكثر ) من العلماء لشهرته عند الناس ، ولو كان شأنها الجهل والبلادة ( وإن منعت أو نفرت لم تزوج ) لعدم رضاها ( لا إن ضحكت أو بكت ) فتزوج لاحتمال أن بكاها على فقد أبيها فإن علم أنه منع لم تزوج ( والثيب ) غير المجبرة ( تعرب ) أي تبين باللفظ عما في نفسها ولما كان يشاركها في ذلك سبعة أبكار أشار لهن بالتشبيه بها بقوله .

التالي السابق


( قوله : بينه ) أي بين أن رضاها يكون بأي شيء .

( قوله : يعني صمتها إلخ ) أشار إلى أن في كلام المصنف قلبا ; لأن المقصود الإخبار عن الصمت بكونه رضا لا الإخبار عن الرضا بالصمت .

( قوله : رضا ) أي بالزوج والصداق ( قوله : ولا يقبل إلخ ) يعني إذا قيل لها : فلان يريد تزوجك وجعل لك من الصداق كذلك فسكتت فقيل لها : هل تفوضين لفلان في العقد فسكتت فعقد لها فلان على ذلك الرجل بالصداق الذي سمي لها فبعد العقد ادعت أنها لم ترض بذلك الزوج أو الصداق أو الولي الذي عقد لها ، وادعت أنها تجهل أن الصمت رضا فلا تقبل دعواها وتم النكاح وهذا عند الأكثر وتأويل الأقل أنه يقبل دعواها أنها تجهل أن الصمت رضا وهو مبني على وجوب إعلامها به ، وقال حمديس : إن عرفت بالبله وقلة المعرفة قبل دعواها الجهل وإلا فلا تقبل دعواها فالمسألة ذات أقوال ثلاثة .

( قوله : كتفويضها للولي في العقد ) فيكفي صمتها أي سواء كانت غائبة عن مجلس العقد أو حاضرة فيه والموضوع أنها بكر ، وأما الثيب فلا يكفي سكوتها في التفويض للولي في العقد إلا إذا كانت حاضرة ، وأما إن كانت غائبة فلا بد من نطقها وهذا مذهب ابن القاسم ، وقال ابن حبيب يكفي صمت الثيب في الإذن للولي حضرت أو غابت فهي كالبكر في ذلك وإنما يختلفان في تعيين الزوج والصداق ففي البكر يكفي الصمت ، وأما الثيب فلا بد فيها من النطق .

( قوله : دعوى جهله ) من إضافة المصدر لمفعوله كما أشار له الشارح .

( قوله : لشهرته ) أي لشهرة أن صمتها رضا .

( قوله : وإن منعت ) أي بالقول حين عرض عليها الصداق أو الزوج بأن قالت : لا أتزوج . وقوله : أو نفرت أي بالفعل بأن قامت أو غطت وجهها حتى ظهر كراهتها وقوله : لم تزوج لعدم رضاها فإن زوجت فسخ نكاحها أبدا ، ولو بعد بناء وطول ، ولو أجازته وهي أولى من المفتات عليها ; لأنه اشترط في المفتات عليها أن لا يظهر منها منع وهذه قد أظهرته .

( قوله : فتزوج ) أي لدلالة الأول على الرضا صريحا ولدلالة الثاني عليه ضمنا لاحتمال أن بكاها على فقد أبيها وتقول في نفسها : لو كان أبي حيا لم أحتج لاستئذان .

( قوله : عما في نفسها ) أي من الرضا بالزوج والصداق وعدم الرضا بهما أو بأحدهما ، وأما إذنها في العقد فيكفي فيه الصمت ، كذا قال عبق وفيه نظر بل لا بد من إذنها في التفويض كما يفيده نقل المواق عن المتيطي وهو قول ابن القاسم ، وأما ما قاله عبق فهو قول ابن حبيب وهو ضعيف




الخدمات العلمية