الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ورجع لأب ) زوج ولده وضمن له الصداق ( و ) لشخص ( ذي قدر زوج غيره ) وضمن له الصداق ( و ) لأب ( ضامن لابنته ) صداق من زوجها له ( النصف ) فاعل رجع في الثلاث أي نصف الصداق ( بالطلاق ) قبل الدخول وليس للزوج فيه حق ; لأن الضامن إنما التزمه على كونه صداقا ولم يتم مراده وتأخذ الزوجة النصف الثاني ( و ) رجع لهم ( الجميع بالفساد ) قبل الدخول ، وأما بعده فلها المسمى ( ولا يرجع أحد منهم ) أي من الأب وذي القدر والضامن لابنته على الزوج بما استحقته الزوجة من النصف قبل الدخول أو الكل بعده ( إلا أن يصرح ) الدافع ( بالحمالة ) كعلي حمالة صداقك فيرجع به مطلقا كان قبل العقد أو فيه أو بعده ( أو يكون ) أي الضمان المفهوم من المقام أو من قوله ضامن ( بعد العقد ) فيرجع على الزوج بجميعه إذا دخل ، وبما استحقته المرأة من النصف بالطلاق ، وإن كان قبل العقد أو فيه فلا يرجع ومحل هذا التفصيل ما لم يوجد عرف أو قرينة تدل على خلافه وإلا عمل به كالشرط ( ولها ) أي للزوجة ( الامتناع ) من الدخول والوطء بعده ( إن تعذر أخذه ) [ ص: 248 ] من الزوج أو المتحمل به ( حتى يقرر ) لها صداقا في نكاح التفويض ( وتأخذ الحال ) أصالة أو بعد أجله في نكاح التسمية ( وله ) أي للزوج حيث امتنعت ( الترك ) بأن يطلق ولا شيء عليه في نكاح التفويض أو في نكاح التسمية حيث لا يرجع المتحمل به على الزوج وهو ما قبل الاستثناء ، وأما ما فيه رجوع عليه وهو ما إذا صرح بالحمالة مطلقا أو كان بلفظ الضمان ووقع بعد العقد فإنه إن طلق غرم لها نصف الصداق ، وإن دخل غرم الجميع .

التالي السابق


( قوله : ورجع لأب وذي قدر زوج غيره وضامن لابنته النصف بالطلاق ) هذا بناء على أنها تملك بالعقد النصف ، وأما على أنها تملك بالعقد الجميع والطلاق قبل الدخول يشطره فالقياس رجوع النصف للزوج لا للضامن قاله ابن عبد السلام وأصله لابن رشد ونص ابن عرفة فلو طلق قبله ففي كون النصف للضامن أو للزوج قول ابن القاسم فيها مع سماعه سحنون وتخريج ابن رشد على وجوب كله للزوج بالعقد ا هـ بن .

( قوله : لأن الضامن ) أي وهو الأب وذو القدر .

( قوله : وتأخذ الزوجة النصف الثاني ) أي فلو طلق الزوج قبل دفع الأب شيئا من الصداق لكان عليه نصف المهر للزوجة تتبعه به في حياته ومماته كما في الطراز ولا يقال : إنها عطية وهي تبطل بموت المعطي إذا لم تجز عنه ; لأنا نقول لما كانت في مقابلة عوض أشبهت المعاوضة وكأنه اشترى شيئا في ذمته فتأمل .

( قوله : بالفساد ) أي الفسخ الحاصل قبل الدخول .

( قوله : قبل الدخول ) أي إن طلقت قبل الدخول وقوله : أو الكل بعده أي إن فسخ النكاح بعده .

( قوله : بالحمالة ) هي أن يدفع المهر من عنده على أن يرجع به بعد ذلك والتصريح بها كأن يقول : علي حمالة صداقك كما قال الشارح .

( قوله : فيرجع به ) أي فيرجع الدافع بما تستحقه الزوجة على الزوج .

( قوله : كان قبل العقد ) أي كان التصريح بالحمالة قبل العقد أو فيه أو بعده .

( قوله : أو يكون الضمان بعد العقد ) سواء وقع بلفظ الضمان أو بلفظ علي أو عندي كأن يقول بعد العقد ضمان صداقك مني أو صداقك عندي أو علي ، وقوله : فيرجع على الزوج أي لأنه يحمل على الحمالة .

( قوله : وإن كان قبل العقد ) أي وإن كان الضمان قبل العقد أو فيه وقوله : فلا يرجع أي لحمله على الحمل كما أنه لا رجوع له إذا صرح بالحمل مطلقا كأنا أحمل عنك الصداق سواء وقع منه ذلك حال العقد أو قبله أو بعده

والحاصل أن الدافع إما أن يصرح بلفظ الحمل أو الحمالة أو الضمان وفي كل إما قبل العقد أو بعده أو فيه فالتصريح بالحمالة يرجع فيه مطلقا وبالحمل لا يرجع مطلقا والتصريح بالضمان إن كان قبل العقد أو فيه لم يرجع ، وإن كان بعده رجع ومثل الحمل في عدم الرجوع الدفع كأنا أدفع صداقك أو أدفع الصداق عنك ، وقد نظم أبو علي المسناوي أقسام هذه المسألة :

انف رجوعا عند حمل مطلقا حمالة بعكس ذا فحققا لفظ ضمان عند عقد لا ارتجاع
وبعده حمالة بلا نزاع وكل ما التزم بعد عقد
فشرط هذا الحوز فافهم قصدي

.

( قوله : تدل على خلافه ) أي كما لو جرى العرف بأن من دفع عن إنسان صداقه أو تحمل به عنه بأي لفظ يرجع به فإنه يعمل بذلك ، وكذا إذا قامت قرينة تدل على ذلك .

( قوله : إن تعذر أخذه ) المراد [ ص: 248 ] بالتعذر التعسر أي تعذر الأخذ منه لكونه معسرا ، وأما لو كان لا يتعذر الأخذ منه لكونه مليا لم يكن لها الامتناع .

( قوله : من الزوج ) سيأتي أن للمرأة أن تمنع نفسها من الدخول والوطء بعد الدخول حتى تأخذ ما حل من الصداق فيحمل ما يأتي على ما إذا كان الصداق على الزوج وما هنا على ما إذا كان على غيره وتعذر أخذه من المتحمل به سواء كان يرجع به على الزوج أم لا ، وأما تعميم الشارح فيما هنا فيلزم عليه التكرار فيما يأتي .

( قوله : حتى يقرر لها ) أي لأن الزوجة ، وإن دخلت على اتباع غير الزوج لم تدخل على تسليم سلعتها مجانا وقوله : حتى يقرر لها صداقا في نكاح التفويض ظاهر العبارة ، وإن لم تقبضه وإليه ذهب بعض الشراح ، وقال عج عن الشيخ كريم الدين حتى يعين وتقبضه وهو ظاهر كلام ابن الحاجب وهو ظاهر ; لأنه إذا كان الأخذ متعذرا فلا فائدة في تقدير الصداق وحده وعلى هذا فيختلف نكاح التفويض الذي فيه الصداق على الزوج والذي فيه الصداق على غيره فإنه يكفي في الأول مجرد التقرير ، وإن لم تقبضه كما يفيده قول المصنف فيما يأتي ولها طلب التقدير ا هـ عدوي .

( قوله : أو بعد أجله ) أي بأن كان مؤجلا فحل أجله وتسويته بين الحال ابتداء وبين ما حل بعد التأجيل من أن لها الامتناع حتى تقبضه فيه نظر بل إنما يكونان سواء لو كان الصداق على الزوج ، وأما إذا كان على التحمل به فليس لها المنع من التمكين إلا بالنسبة للحال أصالة دون ما حل بعد أجله كما قاله اللخمي ونقله ابن عرفة عنه .

( قوله : وله ) أي للزوج حيث امتنعت من الدخول وتعذر الأخذ من المتحمل به .

( قوله : الترك ) أي وله أن يدفع لها من عنده ويتبع به الحامل ولا يجبر على الدفع ، ولو كان له مال ; لأنه لم يدخل على غرم شيء ، ولو كان الحامل عديما فمكنته من نفسها ، ثم مات فلا شيء على الزوج ا هـ عدوي .

( قوله : حيث لا يرجع إلخ ) قيد في قوله ولا شيء عليه والحاصل أنها إذا امتنعت من الدخول لتعذر خلاص الصداق من الملتزم فإن الزوج يخير بين أن يدفع الصداق من عنده أو يطلقها فإن دفعه من عنده رجع به على الملتزم إن كان التزامه به على وجه الحمل مطلقا أو على وجه الضمان وكان قبل العقد أو فيه ، وإن كان على وجه الحمالة أو الضمان بعد العقد فلا رجوع له عليه ، وإن طلقها فلا شيء عليه إذا كان الملتزم التزمه على وجه الحمل أو على وجه الضمان وكان قبل العقد أو حينه ، وأما إن كان التزامه على وجه الحمالة أو الضمان بعد العقد فإنه إن طلقها يغرم لها نصف الصداق ، وإن دخل غرم الجميع




الخدمات العلمية