الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولعبد ) أي جاز له [ ص: 262 ] ( تزوج ابنة سيده ) برضاها ورضا السيد ، وكذا بنت سيدته ( بثقل ) بكسر المثلثة وفتح القاف ضد الخفة أي بكراهة ، إذ هو ليس من مكارم الأخلاق ولربما مات السيد فترثه فيفسخ النكاح ( و ) لعبد تزوج ( ملك غيره ) أي غير نفسه فيشمل ملك السيد سواء خشي على نفسه العنت أم لا كان يولد له أم لا ( كحر لا يولد له ) كمجبوب وخصي وعقيم وعقيمة خشي على نفسه العنت أم لا ( وكأمة الجد ) لو قال الأصل لشمل الأم والأب وأصولهما ذكورا وإناثا أي فللحر تزوج أمة أصله بشرط حرية المالك سواء خشي العنت أو وجد للحرائر طولا أم لا ، إذ علة منع تزوج الأمة استرقاق الولد وهي منتفية هنا ( وإلا ) بأن كان حرا يولد له والأمة ملك لمن لا يعتق ولدها عليه ( ف ) يجوز تزوجها ( إن خاف ) على نفسه ( زنا ) فيها أو في غيرها ( وعدم ما ) أي مالا من نقد أو عرض ( يتزوج به حرة غير مغالية ) في مهرها أي غير طالبة منه ما يخرج عن العادة إلى السرف ، فإن لم يجد غيرها تزوج الأمة وصار وجودها كالعدم ، وكذا إن خشي زنا في أمة بعينها لتعلقه بها فيتزوجها بلا شرط على المعتمد ( ولو ) كانت الحرة غير المغالية ( كتابية ) فإنه يتزوجها ولا يجوز تزوج الأمة مع وجودها ( أو تحته حرة ) لا تكفه أي جنسها الصادق بالمتعدد فيجوز له تزوج الأمة بالشرطين ولا يخفى ما في كلامه من الركة ; لأن قوله : ولو كتابية مبالغة في مفهوم الشرط الثاني وظاهر قوله أو تحته أنه عطف على كتابية فهو في حيز المبالغة فيكون مبالغة في المفهوم أيضا [ ص: 263 ] وهو لا يصح لوجوب رجوع المبالغة الثانية لمنطوق الشرط الأول فلو قال إن خاف زنا ، ولو تحته حرة وعدم إلخ لكان أبين فإن تزوجها الحر بدون الشرطين أو أحدهما فسخ بطلاق ; لأنه مختلف فيه ، وبقي شرط ثالث وهو إسلامها وسكت عنه لما سيذكره في نكاح الكافرة ، ولو تزوجها بشرطه ، ثم زال المبيح لم ينفسخ .

التالي السابق


( قوله : تزوج ابنة سيده ) فلو ولدت منه أولادا وماتوا عن مال كان إرثهم لأمهم مع بيت المال وذلك لأن السيد جدهم لأمهم فلا يرث وأبوهم ممنوع بالرق .

( قوله : أي بكراهة ) أي وهي متعلقة بالجميع لا بالزوجة ووليها فقط دون العبد خلافا لعبق وحينئذ فالمراد بالجواز عدم الحرمة فلا ينافي الكراهة .

( قوله : ولربما مات السيد ) أي الذي هو أبوها وقوله : فترثه أي العبد أي تأخذه بالميراث وبهذا يلغز ويقال مات شخص فانفسخ نكاح آخر .

( قوله : فيشمل ملك السيد ) أي وملك الأجنبي وإنما جاز للعبد تزوج أمة غيره مطلقا ; لأن الأمة من نساء العبد وليس عليه أن يحرر ولده بتزوج حرة ، إذ ليس ولده أعظم منه .

( قوله : كحر لا يولد له ) أي لأن علة منع التزوج بالأمة وهو خوف إرقاق الولد منتفية هنا .

( قوله : وكأمة الجد ) الكاف داخلة على الجد لما علم من عادته وهي إدخال الكاف على المضاف ومقصوده دخولها على المضاف إليه فاندفع اعتراض الشارح .

( قوله : حرية المالك ) أي للأمة الذي هو أصله لأنه لو كان رقيقا كان الولد رقيقا للسيد الأعلى وقوله : بشرط حرية المالك أي وبشرط كون الأمة مسلمة وإنما لم يقيد المصنف المسألة بما ذكر من القيدين لعلم القيد الأول من كون العلة في المنع خوف الاسترقاق للولد ولا تنتفي إلا إذا كان المالك للأمة حرا ولعلم القيد الثاني مما يأتي من قول وأمتهم بالملك .

( قوله : وهي منتفية هنا ) أي لعتق الولد على مالكها ; لأنه فرعه .

( قوله : لمن لا يعتق ولدها عليه ) أي من أجنبي أو كان من أحد أصوله لكنه رقيق .

( قوله : إن خاف على نفسه زنا ) ظاهره ، ولو توهمه ; لأن الخوف يصدق بالوهم كذا قيل ولكن الظاهر أن المراد بالخوف الشك فما فوقه وهو الظن والجزم لما لا يلزم على تزويج الأمة من رقية الولد فلا يقدم عليه بأمر وهمي بل بأمر قوي كالشك .

( قوله : وعدم ما يتزوج به حرة إلخ ) اعلم أن أصبغ قال الطول هو المال الذي يقدر على نكاح الحرائر به والنفقة عليهن منه وهو خلاف رواية محمد من أن القدرة على النفقة لا تعتبر والراجح كلام أصبغ من اعتبار القدرة على الصداق وعلى النفقة كما أفاده بعضهم فقول المصنف وعدم ما تفسر ما بأهبة ليشمل الصداق والنفقة والباء في به بمعنى مع ولا تفسر ما بمال وتجعل الباء للعوض ; لأنه كلام محمد وهو ضعيف ا هـ عدوي .

( قوله : من نقد أو عرض ) أي أو دين على مليء وكتابة وأجرة خدمة معتق لأجل فإن وجد شيئا من ذلك كان واجدا للطول ويستثنى من العرض دار السكنى فليست طولا ، ولو كان فيها فضل عن حاجته كما قاله عج ودخل في العرض دابة الركوب وكتب الفقه المحتاج إليها فهي من جملة الطول والفرق بينهما وبين دار السكنى أن الحاجة لدار السكنى أشد من الحاجة للدابة والكتب .

( قوله : فإن لم يجد غيرها إلخ ) أي فإن وجد ما لا يتزوج به الحرة غير المغالية إلا أنه لم يجد غير المغالية .

( قوله : بلا شرط ) أي بلا اشتراط عدد ما يتزوج به الحرة المغالية .

( قوله : ولو كتابية ) مبالغة في مفهوم قوله وعدم ما يتزوج به حرة غير مغالية أي فإن وجد ما يتزوج به حرة غير مغالية فلا يجوز له نكاح الأمة ، ولو كانت الحرة الغير المغالية كتابية ; لأن عدم إرقاق الولد يحصل بنكاح الكتابية .

( قوله : بالشرطين ) أي إذا خاف على نفسه الزنا [ ص: 263 ] ولم يجد مهرا يتزوج به حرة .

( قوله : وهو لا يصح ) لأنه ينحل المعنى فإن وجد ما يتزوج به حرة غير مغالية فلا يجوز له نكاح الأمة ، ولو كانت الحرة الغير المغالية كتابية ، ولو كان تحته حرة لا تكفيه مع أنه إذا كان تحته حرة لا تكفيه وخاف على نفسه الزنا جاز له نكاح الأمة .

( قوله : لوجوب إلخ ) أي فالمبالغة الأولى راجعة لمفهوم الشرط الثاني والمبالغة الثانية راجعة لمنطوق الشرط الأول واعترضه ابن غازي بأنه كيف يعطف مبالغة على مبالغة مع اختلاف موضوعهما من غير تكرار لو .

( قوله : بدون الشرطين ) أي بأن لم يخف الزنا ووجد ما يتزوج به الحرة .

( قوله : أو أحدهما ) أي أو بدون أحدهما كما لو كان لا يخاف الزنا وعدم ما يتزوج به الحرة أو خاف الزنا ووجد ما يتزوج به الحرة الغير المغالية .

( قوله : فسخ بطلاق ) أي قبل الدخول فقط على الظاهر وقوله : لأنه مختلف فيه أي في المذهب وخارجه حتى قال ابن رشد المشهور جوازه بلا شرط وهو قول ابن القاسم كما في ح وكأنه حمل الآية على الأولوية أو على النسخ يحرر ذلك .

( قوله : لم ينفسخ ) أي ، وكذا إذا طلق الأمة ووجد مهر الحرة فله رجعة الأمة وهذا هو المشهور بناء على المعتمد من أن تلك الشروط شروط في الابتداء فقط وقيل إنها شروط معتبرة في الابتداء والدوام وعليه إذا تزوج الأمة بشروطه ، ثم زال المبيح انفسخ النكاح ولا تصح الرجعة




الخدمات العلمية