الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) ثبت الخيار ( بجنونهما ) القديم قبل العقد سواء كان بصرع أو وسواس وهو أحد العيوب الأربعة المشتركة ( وإن مرة في الشهر ) لنفور النفس وخوفها منه أي يثبت لكل منهما الخيار بالجنون القديم .

( قبل الدخول وبعده ) حيث لم يعلم به إلا بعد الدخول ، وأما إن علم به قبله ودخل فلا خيار له كما تقدم أول الفصل .

واعلم أن الجنون حكمه حكم الجذام فإن كان قبل العقد رد به مطلقا ، وإن حدث بعده وقبل البناء فإنه يوجب الخيار للمرأة دون الرجل ، وكذا إن حدث بعد البناء على ظاهر المدونة في الجذام ويقاس عليه الجنون ولذا جعل بعضهم قول المصنف قبل الدخول وبعده متعلقا بمحذوف تقديره ، وإن حدث الجنون بالرجل قبل الدخول وبعده أي فلها رده بخلافه هو ليفيد أن حكمه حكم الجذام ، وإن كان لا دليل على هذا المحذوف ، فلو قال المصنف ولها فقط إن حدث قبل الدخول إلخ كان أحسن و ( أجلا فيه ) هكذا في بعض النسخ بواو وفي نسخة بدونها على الاستئناف البياني كأنه قيل له : وهل الخيار في الجنون القديم لكل منهما أو في الحادث لها دون الرجل يكون بتأجيل أو بلا تأجيل فأجاب بقوله أجلا فيه .

التالي السابق


( قوله : وثبت الخيار بجنونهما ) أي لكل منهما .

( قوله : بصرع ) أي من الجن وقوله : أو وسواس وهو ما كان من غلبة السوداء .

( قوله : وإن مرة ) أي هذا إذا استغرق كل الأوقات أو غالبها بل ، وإن حصل في كل شهر مرة ويفيق فيما سواها وظاهره أنه إذا كان يأتي بعد كل شهرين فلا رد به وليس كذلك والظاهر أن هذا كناية عن القلة ، ثم محل الرد بما ذكر من الجنون الذي يحصل في الشهر مرة إذا كان يحصل منه إضرار من ضرب أو إفساد شيء أما الذي يطرح بالأرض ويفيق من غير إضرار فلا رد به .

( قوله : قبل الدخول وبعده ) جعله الشارح متعلقا بمحذوف أي يثبت الخيار قبل الدخول وبعده بجنونهما القديم وهو ما كان قبل العقد وعلى هذا فالمصنف ساكت عن الحادث بعد العقد كان حدوثه قبل الدخول أو بعده وحاصل ما في المسألة أن الجنون إذا كان قديما وهو السابق على العقد فلكل من الزوجين أن يرد به صاحبه اتفاقا قبل الدخول وبعده ، وإن حدث بعد العقد ففيه طرق أربعة قيل : يرد به مطلقا كان بالرجل أو بالمرأة حدث بعد البناء أو قبله فحدوثه بالمرأة بعد العقد كحدوثه بالرجل ويصح تقرير المصنف به على جعل قوله قبل الدخول وبعده مدخولا للإغياء وضمير بعده للدخول وقيل : لا يرد به مطلقا وقيل : ترد به الزوجة الزوج لا العكس وقيل : إن حدث قبل البناء ثبت لها الرد به ، وإن حدث بعد البناء فلا رد لها . الأولى لأبي الحسن ونسبه للمدونة والثانية لأشهب والثالثة قول : ابن القاسم وروايته والرابعة للمتيطي والمعتمد قول ابن القاسم ومحل الخلاف في جنون من تأمن زوجته أذاه وإلا فلها الخيار اتفاقا حدث قبل البناء أو بعده كما في ابن غازي .

( قوله : رد به مطلقا ) أي سواء كان قائما بالمرأة أو بالرجل .

( قوله : فإنه يوجب الخيار للمرأة ) هذا على ما نقله المواق عن اللخمي والمتيطي ( قوله ، وكذا إن حدث بعد البناء إلخ ) أي فإن لها أن ترد به كالحادث قبل البناء وهذا إشارة لما قاله ابن القاسم .

( قوله : ولذا جعل بعضهم إلخ ) أي لأجل قياس الجنون على الجذام .

( قوله : متعلقا بمحذوف ) أي لأجل أن يكون المصنف ذاكر الحكم القديم قبل العقد والحادث بعده قبل الدخول وبعده ماشيا على قول ابن القاسم وحاصل مذهبه أن العيوب المشتركة ما حصل منها قبل العقد فلكل من الزوجين رد صاحبه به وما حدث منها بعد العقد فللزوجة الرد به دون الزوج سواء حدث قبل البناء أو بعده .

( قوله : قبل الدخول إلخ ) [ ص: 280 ] أي أو بعده




الخدمات العلمية