الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما كانت ألفاظ الطلاق وهي الركن الرابع ثلاثة أقسام : صريح ، وكناية ظاهرة ، وكناية خفية والكناية الظاهرة [ ص: 378 ] ثلاثة أقسام : ما يلزمه فيه الطلاق الثلاث في المدخول بها وغيرها ولا ينوي وما يلزم فيه الثلاث في المدخول بها وينوي في غيرها وما يلزم فيه الثلاث وينوي مطلقا شرع في بيان ذلك بقوله ( ولفظه ) الصريح الذي تنحل به العصمة ولو لم ينو حلها متى قصد اللفظ ( طلقت وأنا طالق ) منك ( أو أنت ) طالق ( أو مطلقة ) بتشديد اللام المفتوحة ( أو الطلاق لي ) أو علي أو مني أو لك أو عليك أو منك ونحو ذلك ( لازم ) ونحوه ( لا منطلقة ) ومطلوقة ومطلقة بسكون الطاء وفتح اللام مخففة حيث لم ينو به الطلاق ; لأن العرف لم ينفل ذلك لحل العصمة فهو من الكناية الخفية .

( وتلزم ) في لفظ من الألفاظ الأربعة المذكورة طلقة ( واحدة إلا لنية أكثر ) فيلزمه ما نواه وشبه في لزوم الواحدة إلا لنية أكثر ما هو من الكناية الظاهرة بقوله ( كاعتدي ) فلو قال أنت طالق اعتدي فواحدة إن نوى إخبارها بذلك وإلا فاثنتان كما لو عطف بالواو بخلاف العطف بالفاء فإنه كعدم العطف لكون الفاء السببية ( وصدق ) بيمين ( في ) دعوى ( نفيه ) أي نفي إرادة الطلاق في اعتدي بأن قال : لم أرد الطلاق وإنما مرادي عد الدراهم مثلا ( إن دل بساط ) أي قرينة ( على العد ) دون إرادة الطلاق ( أو كانت موثقة ) بقيد ونحوه وسألته حلها منه ( فقالت أطلقني ) فقال أنت طالق وادعى أنه لم يرد الطلاق وإنما أراد من الوثاق فيصدق ولو في القضاء بيمين ( وإن لم تسأله ) الموثقة ( فتأويلان ) في تصديقه بيمين وعدمه ومحلهما في القضاء وأما في الفتيا [ ص: 379 ] فيصدق على بحث القرافي ومن تبعه وأما غير الموثقة فلا يصدق فقوله وصدق في نفيه إشارة إلى اللزوم في الصريح وما ألحق به محله إذا لم يكن بساط يدل على نفي إرادته فإن كان قبل منه ذلك بيمينه

التالي السابق


( قوله ثلاثة أقسام ) بل خمسة والرابع ما يلزم فيه ثلاث في المدخول بها وواحدة في غيرها إلا أن ينوي أكثر كما يأتي في أنت طالق واحدة بائنة أو نواها بخليت سبيلك أو ادخلي والخامس ما يلزم فيه واحدة في المدخول بها وغيرها إلا لنية أكثر وهو اعتدي ( قوله ولفظه إلخ ) أي لفظه الصريح محصور في هذه الألفاظ الأربعة دون غيرها من الألفاظ وأشار بذلك لما في التوضيح عن القرافي من أن كلام الفقهاء يقتضي أن الصريح ما كان فيه الحروف الثلاثة الطاء واللام والقاف وهو مشكل لشموله نحو منطلقة ومطلقة ومطلوقة فلذا عدل هنا عن ضبط الصريح بما ذكر إلى ضبطه بالألفاظ الأربعة ا هـ بن ( قوله متى قصد اللفظ ) أي التلفظ والنطق به ( قوله ; لأن العرف لم ينقل ذلك لحل العصمة ) أي بخلاف الألفاظ التي ذكرها المصنف فإنها في الأصل أخبار نقلها العرف لإنشاء حل العصمة فمتى قصد النطق بها لزم الطلاق ; قصد بها حل العصمة أو لا .

( قوله فهو ) أي ما ذكر من الألفاظ الثلاثة من الكناية الخفية إن قصد بها الطلاق لزم وإلا فلا .

( قوله وتلزم واحدة ) وفي حلفه على أنه لم يرد أكثر من واحدة وعدم حلفه قولان الأول نقل اللخمي عن ابن القاسم والثاني رواية المدنيين عن مالك بن بشير المشهور الأول وهذا الخلاف مخرج على الخلاف في توجه يمين التهمة وعدم توجهها ومحل الخلاف في القضاء وأما في الفتوى فلا يمين .

( قوله إن نوى إخبارها بذلك ) أي بأن عليها العدة ( قوله وإلا فاثنتان ) أي وإلا ينو إخبارها بأن نوى الطلاق باعتدي أو لم ينو شيئا فطلقتان ( قوله كما لو عطف بالواو ) أي بأن قال أنت طالق واعتدي فيلزمه اثنتان ولا تقبل نيته إرادة الواحدة حين عطف بالواو وإنما نوى في الأولى وهي أنت طالق اعتدي بدون عطف ; لأن الاعتداد مرتب على الطلاق كترتب جواب الشرط على الشرط والعطف بالواو ينافي ذلك ا هـ خش ( قوله بخلاف العطف بالفاء إلخ ) أي كما إذا قال : أنت طالق فاعتدي فيلزمه واحدة إن نوى إخبارها بذلك مثل قوله اعتدي فقط بدون عاطف ; لأن الفاء تأتي للسببية والترتيب والاعتداد مسبب عن الطلاق ومرتب عليه كترتب الجزاء على الشرط والظاهر أن العطف بثم كالعطف بالواو ا هـ خش وذلك ; لأن ثم للتراخي وقد تقرر أنه ليس بين العدة والطلاق تراخ وحينئذ فهي لمجرد العطف .

( قوله وصدق بيمين ) أي في القضاء وأما في الفتوى فلا يحتاج ليمين قال بن لم أر من ذكر هذه اليمين مع البساط غير عج ونصه هل بيمين أو لا ولكن المرتضى أنه حيث صدق يحلف ا هـ . لكن ربما يشهد له ما يأتي عند قوله ونوى فيه وفي عدده .

( قوله أو كانت إلخ ) عطف على الشرط ( قوله فقال أنت طالق ) أي ستطلقين وإلا كان كذبا فيقع عليه الطلاق ا هـ عدوي ( قوله وإن لم تسأله ) أي والموضوع أنها موثقة كما قال الشارح وقال لها : أنت طالق وادعى أنه أراد ستطلقين من الوثاق وأما لو كانت غير موثقة فإنه يقع عليها الطلاق ولا يصدق في دعواه أنه لم يرد الطلاق .

والحاصل أن الأقسام ثلاثة ; لأنها إما موثقة وتسأله أو لا تسأله أو تكون غير موثقة ويقول لها أنت طالق ويدعي أنه أراد الإخبار بأنها مطلوقة من الوثاق الأولين ومطلوقة منه في الثالث ففي الأول يدين بلا خلاف وفي الثالث لا يدين من غير خلاف ، وأما الثاني فهل يدين أو لا خلاف ( قوله فتأويلان ) هما قولان قال مطرف يصدق وقال أشهب لا يصدق فمنهم من حملها على الأول [ ص: 379 ] ومنهم من حملها على الثاني ا هـ بن والظاهر من التأويلين تصديقه ( قوله فيصدق ) أي من غير يمين اتفاقا وقوله على بحث القرافي حيث قال ينبغي أن تحمله مسألة الوثاق على اللزوم في القضاء دون الفتوى ا هـ واعتمده طفي قال بن وهو غير صواب والصواب أن التأويلين في الفتوى والقضاء ; لأن كلام المدونة الذي وقع فيه التأويلان في الفتوى والقضاء فانظره .

والحاصل أن المسألة ذات طريقتين الأولى تجعل الخلاف خاصا بالقضاء والثانية تجعله جاريا في القضاء والفتوى والأولى للقرافي وعج والرماصي والثانية اعتمدها بن .

( قوله وما ألحق به ) أي وهو الكناية الظاهرة ( قوله فإن كان قبل منه ذلك بيمينه ) أي وأما النية فلا تصرف الصريح وما ألحق به عن الطلاق لأن نية صرفه مباينة لوضعه .

والحاصل أن صريح الطلاق والكناية الظاهرة لا يصرفهما عن الطلاق إلا البساط لا النية ولا يتوقف صرفهما إليه على النية بل المدار على قصد النطق بهما تأمل




الخدمات العلمية