الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما أنهى الكلام على أركان الطلاق وكان منها الأهل وهو الزوج أصالة أخذ في الكلام على نائبه فقال درس { فصل } ذكر فيه حكم النيابة في الطلاق وهي أربعة : توكيل وتخيير وتمليك ورسالة بقوله ( إن فوضه ) أي الطلاق الزوج المسلم المكلف ولو سكر حراما أي فوض إيقاعه ( لها ) أي للزوجة ولما كان التفويض جنسا تحته أنواع ثلاثة أشار إلى ذلك بقوله ( توكيلا ) [ ص: 406 ] نصب على التمييز أو على الحال أي موكلا لها والتوكيل جعل إنشاء الطلاق بيد الغير باقيا منع الزوج منه أي من إيقاعه ( فله العزل ) أي عزلها قبل إيقاعه اتفاقا كما لكل موكل ذلك ( إلا لتعلق حق ) لها زائد على التوكيل كإن تزوجت عليك فأمرك أو أمر الداخلة بيدك توكيلا فليس له حينئذ عزلها والحق هنا دفع الضرر عنها ( لا ) إن فوضه لها ( تخييرا ) فليس له عزلها وهو جعل الزوج إنشاء الطلاق ثلاثا نصا أو حكما حقا لغيره ومن صيغه اختاريني أو اختاري نفسك ( أو تمليكا ) وهو جعل إنشائه حقا لغيره راجحا في الثلاث يخص بما دونها فليس له العزل ومن صيغة أمرك أو طلاقك بيدك وإنما كان له العزل في التوكيل دونهما ; لأنه في التوكيل جعلها نائبة عنه في إنشائه ، وأما فيهما فقد جعل لها ما كان يملك فهما أقوى ولذلك يحال بينهما حتى تجيب فيهما كما قال ( وحيل ) وجوبا ( بينهما حتى تجيب ) فيهما كما قال وحيل وجوبا بينهما أي بين الزوجين في التخيير والتمليك كالتوكيل إن تعلق به حق فلا يقر بها حتى تجيب بما يقتضي ردا أو أخذا وإلا لأدى إلى الاستمتاع في عصمة مشكوك في إبقائها بخلاف التوكيل لقدرة الزوج على عزلها فلو استمتع بها لكان ذلك منه عزلا ومحل الحيلولة إن لم يعلق التخيير أو التمليك على شيء كقدوم زيد فإن علق فلا حيلولة حتى يحصل المعلق عليه ( ووقفت ) المخيرة أو المملكة

التالي السابق


{ فصل ذكر فيه حكم النيابة في الطلاق } ( قوله إن فوضه إلخ ) أي بأن قال لها : وكلتك على أن تطلقي نفسك ( قوله أي الطلاق ) أشار إلى أن الضمير البارز وهو المفعول عائد على الطلاق وأن الضمير المستتر وهو [ ص: 406 ] الفاعل عائد على الزوج أي إن فوض الزوج الطلاق أي إيقاعه لها ( قوله نصب على التمييز ) أي فوض التوكيل لها بالطلاق فهو تمييز محول عن المفعول كغرست الأرض شجرا كذا في خش وعبق وفيه أنه لم يفوض لها التوكيل وإنما فوض لها الطلاق على سبيل التوكيل فالأولى نصبه على الحال أو على أنه مفعول مطلق على حذف مضاف أي تفويض توكيل ( قوله والتوكيل ) أي على الطلاق ( قوله جعل إنشاء الطلاق بيد الغير ) هذا جنس يعم التمليك والتخيير وقوله باقيا منع الزوج منه فصل يخرجهما ; لأن له العزل في التوكيل دونهما وخرجت الرسالة عن قوله جعل ; لأن الرسول لم يجعل الزوج له إنشاء الطلاق بل الإعلام بثبوته ( قوله باقيا ) أي حال كون ذلك الإنشاء باقيا ( قوله ذلك ) أي عزل موكله قبل تمام الأمر الذي وكله عليه لا بعده .

( قوله إلا لتعلق حق لها زائد على التوكيل ) كدفع الضرر عنها فليس له عزلها قبل إيقاعه ( قوله كإن تزوجت إلخ ) أي كما إذا قال لها : إن تزوجت عليك إلخ جوابا لقولها عند العقد أو بعده أخاف أن تضاررني بتزوجك علي .

( قوله فليس له حينئذ عزلها ) أي ; لأن دفع الضرر عنها حق لها تعلق بذلك التوكيل ( قوله لا تخييرا ) أي لا إن فوضه لها حالة كونه مخيرا لها أو مملكا لها أو لا إن فوض الطلاق لها تفويض تخيير أو تمليك فهو حال أو مفعول مطلق لا تمييز ( قوله جعل الزوج إنشاء الطلاق ) هذا جنس خرج عنه الرسالة ويعم التوكيل والتمليك وقوله نصا أو حكما أخرج به التمليك ، وقوله حقا لغيره أخرج التوكيل ; لأن الزوج لم يجعل إنشاء الطلاق حقا للوكيل بل جعله بيده نيابة عنه ( قوله ومن صيغة اختاريني أو اختاري نفسك ) وكذا من صيغة اختاري أمرك ( قوله وهو جعل إنشائه حقا لغيره ) هذا جنس خرج عنه الرسالة وقوله حقا لغيره خرج به الوكالة وقوله راجحا في الثلاث إلخ خرج به التخيير وقوله ومن صيغه أمرك أو طلاقك بيدك وكذا كل لفظ دل على جعل الطلاق بيدها دون تخيير كطلقي نفسك وملكتك أمرك أو وليتك أمرك كما في العتبية ، والحاصل أن كل لفظ دل على أن الزوج فوض لها البقاء على العصمة أو الذهاب عنها فهو تخيير وكل لفظ دل على جعل الطلاق بيدها أو بيد غيرها دون تخيير فهو صيغة تمليك انظر التوضيح .

( قوله وحيل بينهما ) أي ولا نفقة للزوجة زمن الحيلولة ; لأن المانع من قبلها وإذا مات أحدهما زمن الحيلولة قبل الإجابة فإنهما يتوارثان ا هـ عدوي ( قوله إن تعلق به حق ) كما إذا قال لها إن تزوجت عليك فأمرك أو أمر الداخلة بيدك وتزوج عليها فيحال بينه وبين المحلوف لها حتى تجيب ( قوله وإلا لأدى إلخ ) أي وإلا بأن قربها واستمتع بها قبل أن تجيب أدى إلخ ( قوله بخلاف التوكيل ) أي فإنه لا يحال فيه بينه وبينها وقوله فلو استمتع أي الزوج الموكل بها أي ولو مكرهة ( قوله لكان ذلك منه عزلا ) أي ولو كان قاصدا بقاءها على توكيلها على الظاهر ا هـ عدوي وحيث كان ذلك عزلا فلم يقع الوطء في عصمة مشكوك فيها ( قوله ووقفت ) أي أوقفها القاضي أو من يقوم مقامه عند عدمه وقوله وإن قال أي هذا إذا لم يسم أجلا بأن قال لها : أمرك بيدك أو خيرتك بل ولو سمى أجلا بأن قال أمرك بيدك أو خيرتك إلى سنة




الخدمات العلمية