الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن قال ) لها زوج أمرك بيدك مثلا ( إلى سنة متى علم ) أي علم الحاكم أو من يقوم مقامه بأنه خيرها أو ملكها إلى سنة [ ص: 407 ] مثلا فيوقفها من حين علمه أول المدة أو أثناءها ولا تمهل لآخر المدة التي عينها فقوله متى علم متعلق بوقفت ( فتقضي ) بإيقاع الطلاق أو رد ما بيدها فإن قضت بشيء فظاهر ( وإلا أسقطه الحاكم ) ولا يمهلها وإن رضي الزوج أو هي معه بالإمهال لحق الله تعالى لما فيه من التمادي على عصمة مشكوكة ( وعمل بجوابها الصريح في الطلاق ) ومراده بالصريح ما يشمل الكناية الظاهرة والقول والفعل وقد أشار إلى القول الصريح بقوله ( كطلاقها ) وفي بعض النسخ كطلاقه وهو من إضافة المصدر لمفعوله أي كطلاقها إياه فساوت النسخة الأولى كأن تقول طلقت نفسي منك أو أنا أو أنت طالق ونحوه أو بنت منك أو بائن أو حرام وكذا اخترت نفسي .

( و ) عمل بجوابها الصريح في ( رده ) أي الطلاق قولا كاخترتك زوجا ورددت لك ما ملكتني أو فعلا ( كتمكينها ) من الوطء أو مقدماته ( طائعة ) عالمة بالتمليك أو التخيير وإن لم يحصل وطء أو مقدماته وإن جهلت الحكم بأن لم تعلم أن التمكين يسقط حقها ومثل تمكينها ما لو ملك أمرها لأجنبي فأمكنها منه بأن خلى بينه وبينها طائعا ثم عطف على تمكينها ما شاركه في الإسقاط بقوله ( ومضي يوم تخييرها ) أو تمليكها والمراد باليوم : الوقت الذي جعل لها فيه التخيير أو التمليك أعم من أن يكون يوما أو أكثر فلو عبر بدله بزمن كان أوضح أي إذا لم توقف فإن وقفت فقد تقدم ( وردها ) بالجر أي وسقط ما جعله لها من تخيير أو تمليك بردها لعصمته ( بعد بينونتها ) بخلع أو بتات ; لأن عودها يستلزم رضاها بخلاف ردها بعد الطلاق الرجعي فلا يسقط خيارها ثم أشار إلى أن الفعل المحتمل بقوله ( وهل نقل قماشها ونحوه ) بالرفع عطف على نقل كستر وجهها منه وبعدها عنه ويجوز جره عطفا على قماش أي نحوه من الأمتعة ونقل البعض كالكل ( طلاق ) ثلاث في التخيير وواحدة في التمليك ( أو لا ) يكون طلاقا أصلا ( تردد ) محله إذا لم تنو به الطلاق وإلا كان طلاقا اتفاقا ولم تقم قرينة على إرادة الطلاق [ ص: 408 ] كأن تنقل القماش الذي شأنه أن ينقل عند الطلاق وإلا كان طلاقا قطعا كما استظهروه

التالي السابق


( قوله إلى سنة ) من مقول القول أي وإن قال لها : أمرك بيدك إلى سنة أو قال : خيرتك في البقاء معي أو مفارقتي إلى سنة وقوله متى علم راجع لما بعد المبالغة وهو ما إذا قال : إلى سنة [ ص: 407 ] قوله مثلا ) أي أو خيرتك إلى سنة وقوله إلى سنة أي أو إلى زمن يبلغه عمرهما ظاهرا .

( قوله ولا تمهل لآخر المدة ) أي وأمرها بيدها ( قوله فتقضي ) أي فإذا وقفت فتقضي إلخ ( قوله ، فإن قضت بشيء ) أي من إيقاع الطلاق أو رد ما بيدها ( قوله وإلا ) أي وإلا تقضي بأن أوقفها الحاكم وأمرها بإيقاع الطلاق أو رد ما بيدها من التمليك فلم تفعل ( قوله لما فيه ) أي الإمهال ( قوله وعمل بجوابها ) أي بمقتضى جوابها الصريح في الطلاق ورده ، فإن كان جوابها الصريح يقتضي الطلاق كقولها طلقت نفسي عمل بمقتضاه من وقوع الطلاق والعدة وجوابها الصريح الذي يقتضي الطلاق هو ما كان صريحا في الطلاق أو كان كناية ظاهرة أو اخترت نفسي ; لأنه وإن كان ليس من صريح الطلاق ولا كناية ظاهرة إلا أنه يقتضي الطلاق في مقام التمليك وأما لو أجابت بالكناية الخفية فإنه يسقط ما بيدها ولا يقبل منها أنها أرادت بذلك الطلاق كما نقله ح عن ابن يونس عند قول المصنف وقبل تفسير قبلت إلا أنه مخالف لما نقله ح أيضا في باب الظهار عن ابن رشد في سماع أبي زيد من أن جوابها في التمليك بصيغة الظهار إذا نوت به الطلاق لزم مع أنه كناية خفية واختار بن أن الكناية الخفية إذا أجابت بها وقصدت الطلاق فإنه يعمل بها وإن كان جوابها الصريح يقتضي رده كقولها رددت ما ملكتني أو لا أقبله منك عمل بمقتضاه من بطلان ما بيدها وبقائها زوجة .

( قوله في الطلاق ) متعلق بعمل وصلة الصريح محذوفة أي فيهما أي عمل في الطلاق ورده بمقتضى جوابها الصريح في كل منهما ( قوله كطلاقها ) من إضافة المصدر لفاعله ( قوله لمفعوله ) أي بعد حذف الفاعل ( قوله أو أنا إلخ ) أي أنا طالق منك أو أنت طالق مني ( قوله عالمة ) أي وأما لو مكنته غير عالمة التمليك لم يبطل ما بيدها والقول قولها في عدم العلم بيمين ، فإن علمت بالتخيير أو التمليك وعلمت الخلوة بينهما ولو بامرأتين وادعى أنه أصابها وأنكرت ذلك فقال بعض القول قوله بيمين واستظهر عج أن القول قولها بيمين وإذا تصادقا على الوطء وادعت الإكراه وادعى الطوع كان القول قوله بيمين بخلاف القبلة فقولها بيمين ( قوله طائعا ) أي ولو لم ترض هي فيما يظهر فلو مكنته دون رضا الوكيل فإنه لا يسقط ما بيدها ( قوله ومضي يوم تخييرها ) أي سواء علمت بالتخيير والتمليك أم لا ( قوله الوقت الذي جعل لها فيه التخيير ) أي فإذا قال لها : اختاري نفسك أو اختاريني في هذا اليوم أو في هذا الشهر كله ومضى ذلك الأجل ولم تختر فلا خيار لها بعد ذلك وبطل ما بيدها ( قوله فقد تقدم ) أي أنها تقضي حالا إما برد ما بيدها أو بالطلاق وإلا أسقط الحاكم ما بيدها ولا تمهل ( قوله وردها ) أي لعصمته وحاصله أنه إذا خيرها أو ملكها ثم أبانها بخلع أو بتات ثم ردها للعصمة بعقد جديد فإنه يسقط ما بيدها من تخيير أو تمليك ( قوله يستلزم رضاها ) أي بزوجها وإسقاط ما جعله لها من تخيير أو تمليك .

( قوله فلا يسقط ) أي ; لأن الرجعية كالزوجة فارتجاعها لا يتوقف على رضاها ( قوله وهل نقل إلخ ) أي أنه [ ص: 408 ] إذا خيرها أو ملكها ففعلت فعلا محتملا كأن نقلت قماشها أو فعلت فعلا نحوه كبعدها عنه وتغطية وجهها ولم ترد بذلك الفعل طلاقا فهل يعد ذلك طلاقا أو لا تردد ( قوله كأن تنقل إلخ ) مثال للمنفي ( قوله وإلا كان طلاقا اتفاقا ) لا يقال الفعل لا يلزم به طلاق ولو نواه ; لأنا نقول قد انضم إليه تمليكها الطلاق ونحوه فهو من الفعل المحتف بالقرائن وهو كالصريح




الخدمات العلمية