الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ولا ) رجعة ( إن قال من يغيب ) أي من أراد الغيبة وقد كان علق طلاقها على دخول دار مثلا وخاف أن تحنثه في غيبته ( إن دخلت ) ووقع علي الطلاق في غيبتي ( فقد ارتجعتها ) ; لأن الرجعة لا تكون إلا بنية بعد الطلاق وشبه في بطلان الرجعة قبل الطلاق قوله : ( كاختيار الأمة ) المتزوجة بعبد ( نفسها أو زوجها ) أي أحدهما بعينه ( بتقدير عتقها ) كأن تقول : إن عتقت فقد اخترت نفسي أو اخترت زوجي فإنه لغو ، ولو أشهدت على ذلك ، ولها اختيار خلافه إن عتقت [ ص: 421 ] ( بخلاف ) الزوجة ( ذات الشرط ) أي التي شرط لها الزوج عند العقد أن أمرها بيدها إن تزوج عليها أو تسرى أو أخرجها من بلدها أو بيت أبيها ( تقول ) قبل حصول ما ذكر ( إن فعله زوجي فقد فارقته ) فإنه يلزمها وليس لها الانتقال إلى غيره ; لأن الزوج أقامها مقامه في تمليكه إياها ما يملكه وهو يلزمه ما التزمه نحو إن دخلت الدار فأنت طالق فكذلك هي ، وهذا يفيد - كما قال ابن عرفة - لزوم ما أوقعته من الطلاق كما قال المصنف لا ما أوقعته من اختيار زوجها وهو كذلك

التالي السابق


( قوله : لا تكون إلا بنية بعد الطلاق ) أي إلا بنية تحدث بعد الطلاق السابق ، والفرق بين صحة الطلاق قبل النكاح كإن تزوجت فلانة الأجنبية فهي طالق وبين عدم صحة الرجعة قبل الطلاق أن الطلاق حق على الرجل أي حق يحكم به عليه ، والرجعة حق له فالحق الذي عليه يلزم بالتزامه ، والحق الذي له ليس له أخذه قبل أن يجب ، ولو أشهد به

[ ص: 421 ] قوله : بخلاف ذات الشرط إلخ ) ما ذكره المصنف من الفرق بين المسألتين هو المعروف من قولي مالك وقيل : إن المسألتين مستويتان في لزوم ما أوقعتاه قبل حصول سبب خيارهما وهو لابن حارث عن أصبغ مع رواية ابن نافع وقيل إنهما مستويتان في عدم لزوم ما أوقعتاه قبل حصول سبب خيارهما وهو للباجي عن المغيرة مع فضل عن ابن أبي حازم واعلم أن محل الخلاف إذا كان المعلق على فعله أمرها بيدها ، وأما لو علق الطلاق أو العتق فلا خيار لها اتفاقا كما قال البدر القرافي وابن رشد وهذه المسألة هي التي يحكى عن ابن الماجشون أنه سأل فيها مالكا عن الفرق بين الحرة ذات الشرط والأمة فقال له : أتعرف دار أبي قدامة وكانت دارا يلعب فيها الأحداث بالحمام معرضا له بقلة التحصيل فيما سأل عنه وتوبيخا له على ترك إعمال نظره في ذلك حتى لا يسأل إلا عن أمر مشكل ا هـ انظر بن قال بعض المحققين : والإنصاف أن سؤاله وارد ; ولذلك اختلف النقل عن مالك من التفرقة بين المسألتين واتحادهما في الحكم .

( قوله : لأن الزوج إلخ ) هذا إشارة للفرق بين المسألتين ، وحاصله أن اختيار الأمة قبل العتق فعل للشيء قبل وجوبه لها بالشرع وأما ذات الشرط فاختيارها لما اختارته فعل للشيء بعد وجوبه لها بالتمليك ( قوله لا ما أوقعته من اختيار زوجها ) أي ; لأن الزوج لم يقمها مقامه في ذلك ، وإنما أقامها مقامه في الطلاق فإذا قالت : إن فعل زوجي ما ذكر فقد اخترته ثم فعل فلا يلزمها ذلك ولها أن تختار الفراق بعد ذلك




الخدمات العلمية