الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنع ) أي حرم على المكلف ( بيع ) رقيق ( مسلم ) صغير أو كبير ( ومصحف ) وجزئه وكتب حديث ( وصغير ) كافر كتابيا كان أو مجوسيا لجبرهما على الإسلام وفي مفهوم صغير وهو الكبير أي البالغ تفصيل ، فإن كان يجبر على الإسلام كالمجوسي لم يجز بيعه كان على دين مشتريه أم لا ، وإن كان لا يجبر كالكتابي الكبير جاز بيعه إن كان على دين مشتريه ( لكافر ) ذمي أو غيره ، وكذا يمنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز كبيع جارية لأهل الفساد أو مملوك ( وأجبر ) المشتري من غير فسخ للبيع ( على إخراجه ) عن ملكه ببيع أو ( بعتق ) ناجز ( أو هبة ) لمسلم ( ولو ) وهبته كافرة اشترته ( لولدها الصغير ) المسلم وقدرتها على اعتصارها منه لا تمنع من الاكتفاء بها في الإخراج ( على الأرجح لا ) يكفي الإخراج ( بكتابة ) إن لم تبع وإلا كفت ، وقد ذكر المصنف ما يفيد وجوب بيعها بقوله ومضت كتابة كافر لمسلم وبيعت ، ولو قال لا بككتابة ليشمل التدبير والاستيلاد والعتق لأجل كان أولى ويؤاجر المدبر ونجز عتق أم الولد وتباع خدمة المعتق لأجل .

التالي السابق


( قوله : ومصحف ) أي ولو كان بقراءة شاذة كمصحف ابن مسعود ; لأنه ككتب العلم وقول الشارح وكتب حديث لا مفهوم له بل يمنع بيع كتب العلم لهم مطلقا وظاهره ، ولو كان الكافر الذي يشتري ما ذكر يعظمه وهو كذلك لأن مجرد تملكه له إهانة ويمنع أيضا بيع التوراة والإنجيل لهم

لأنها مبدلة ففيه إعانة لهم على ضلالهم ، واعلم أنه كما يمنع بيع ما ذكر لهم تمنع أيضا هبته لهم والتصدق به عليهم ويمضي الهبة والصدقة عليهم من المسلم بذلك بعد الوقوع ولكن يجبرون على إخراجه من ملكهم كالمبيع لهم ( قوله : كبيع جارية لأهل الفساد ) أي أو بيع أرض لتتخذ كنيسة أو خمارة والخشبة لمن يتخذها صليبه والعنب لمن يعصره خمرا والنحاس لمن يتخذه ناقوسا ، وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سرج وكل ما يتقون به في الحرب من نحاس أو خباء أو ماعون ويجبرون على إخراج ذلك ، وأما بيع الطعام لهم فقال ابن يونس عن ابن حبيب يجوز في الهدنة ، وأما في غير الهدنة فلا يجوز ، والذي في المعيار عن الشاطبي أن المذهب المنع مطلقا وهو الذي عزاه ابن فرحون في التبصرة وابن جزي في القوانين لابن القاسم وذكر في المعيار أيضا عن الشاطبي أن بيع الشمع لهم ممنوع إذا كانوا يستعينون به على إضرار المسلمين ، فإن كان لأعيادهم فمكروه ، انظر بن .

( قوله : وأجبر المشتري من غير فسخ للبيع على إخراجه ) هذا هو المشهور كما قال المازري : وهو مذهب المدونة ومقابله أنه يفسخ البيع إذا كان المبيع قائما . ونسبه سحنون لأكثر أصحاب مالك قال ابن رشد : والخلاف مقيد بما إذا علم البائع أن المشتري كافر أما إذا ظن أنه مسلم ، فإنه لا يفسخ بلا خلاف ويجبر على إخراجه من ملكه ببيع ونحوه ا هـ بن ( قوله : ببيع ) لم يذكره المصنف لعلمه بالأولى مما ذكره من العتق والهبة والذي يتولى بيعه الإمام لا السيد الكافر ; لأن فيه إهانة للمسلم بخلاف العتق والهبة والصدقة فإن السيد الكافر يتولاها وليس توليته لها كتولية البيع في إهانة المسلم ، فإن تولى الكافر بيعه نقضه الإمام وباعه هو كما قاله بعضهم ( قوله : ولو لولدها الصغير ) هذا مبالغة في الاكتفاء في الإخراج عن الملك بالهبة أي ولو كانت تلك الهبة صادرة من كافرة اشترته ووهبته لولدها الصغير أي أو من كافر اشتراه ووهبه لولده الصغير فالأب كالأم والأنثى فرض مسألة ( قوله : على الأرجح إلخ ) ما رجحه ابن يونس هو قول ابن الكاتب وأبي بكر بن عبد الرحمن ورد المصنف بأن قول ابن شاس إن هبتها لولدها الصغير لا تكفي في الإخراج ، وإنما ذكر المصنف الصغير مع أن الصغير والكبير سواء في الاعتصار منهما ; لأن فيه فرض الخلاف والترجيح عند ابن يونس ، وأما الهبة للكبير فإنها تكفي في الإخراج اتفاقا لقدرته على إفاتة الاعتصار بالتصرف بخلاف الصغير ، فإنه محجور عليه ا هـ بن




الخدمات العلمية