الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكثلاثة في ثوب ) وعرض ومثلي ( وصح ) أي الخيار وجاز ( بعد ) عقد ( بت ) أي يصح فيما وقع فيه البيع على البت أن يجعل أحدهما لصاحبه ، أو كل منهما للآخر الخيار ( وهل ) محل الصحة والجواز ( إن نقد ) المشتري الثمن للبائع وعليه الأكثر ، وهو المعتمد فكان الأولى الاقتصار عليه ; لأنه إذا لم ينقد فقد فسخ البائع ماله في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه إن كان الخيار للبائع [ ص: 94 ] فإن كان للمبتاع فالمنع لمظنة التأخير لاحتمال اختيار المشتري ، والمبيع للبائع ، أو الصحة والجواز مطلقا ( تأويلان وضمنه حينئذ ) أي حين جعل الخيار بعد البت ( المشتري ) ; لأنه صار بائعا ، ولو جعل البائع الخيار له . .

التالي السابق


( قوله وعرض ) من جملته الكتب وهل السفن كذلك ، أو كالدور قولان ، وأما الخضر والفواكه فأمد الخيار فيها بقدر الحاجة مما لا يتغير فيه كذا في المج ( قوله وجاز ) أي ابتداء لا أنه يصح بعد الوقوع مع منعه ابتداء ( قوله بعد بت ) أي ، وأما الجمع بين البت والخيار في عقد واحد فهو ممنوع كما نقله بن عن التوضيح لخروج الرخصة عن موردها ; لأن إباحة الخيار رخصة وذلك ; لأن الخيار محتو على غرر إذ لا يدري كل من المتبايعين ما يحصل له هل الثمن ، أو المثمن لجهله بانبرام العقد ومتى يحصل ؟ فكان مقتضاه أن يكون ممنوعا لكن رخص الشارع فيه فأباحه عند انفراده ( قوله أن يجعل أحدهما لصاحبه ، أو كل منهما للآخر الخيار ) قال في المدونة ، وهو بيع مؤتنف بمنزلة بيع المشتري لها من غير البائع وما أصاب السلعة في أيام الخيار فهو من المشتري ; لأنه صار بائعا ( قوله فقد فسخ البائع إلخ ) حاصله أن البائع قد تقرر له بالبت الواقع أولا ثمن عند المشتري ، أوجب ذلك الثمن [ ص: 94 ] للمشتري عند البائع سلعة فيها الخيار فقد فسخ البائع ما له من الثمن في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه ; لأن تلك السلعة في ضمان البائع لتمام مدة الخيار فالمراد بالقبض القبض الشرعي ، وهو دخولها في ضمان المشتري ( قوله فالمنع لمظنة التأخير ) أي تأخير رد السلعة فكأنه إذا اختار الرد إنما ردها بعد يومين فقد فسخ البائع ما في ذمة المشتري في معين ، وقد تأخر قبضه له بالنظر لآخرة الأمر ، وحاصله أن الثمن الذي تقرر في ذمة المشتري للبائع بالبت فقد فسخه البائع في سلعة يتأخر قبضه لها ; لأن المشتري يحتمل أن يمضي البيع وأن يرده وعلى احتمال رده له يظن أنه أخر ردها للبائع يوما ، أو يومين فقوله لاحتمال اللازم بمعنى مع ، وقد علمت أن العلة في المنع عند عدم النقد فسخ البائع ما في ذمة المشتري وفي معين يتأخر قبضه سواء كان الخيار للبائع ، أو للمشتري إلا إنه إن كان الخيار للبائع فتأخير القبض بالنسبة للمشتري ، وإن كان الخيار للمشتري فتأخير القبض بالنسبة للبائع ، وعلى كل حال فالفاسخ لما في الذمة هو البائع إذا علمت هذا فالأولى للشارح أن يقول ; لأنه إذا لم ينقد فقد فسخ البائع ما له في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه ، وهو ظاهر إن كان الخيار للبائع ، وإن كان للمشتري فبالنظر لمظنة التأخير مع احتمال اختيار المشتري رد البيع .

( قوله ، أو الصحة والجواز مطلقا ) أي سواء نقد المشتري الثمن للبائع ، أو لم ينقده كما هو ظاهر المدونة وذلك ; لأن جعل الخيار لأحدهما ليس عقدا حقيقة إذ المقصود منه تطييب نفس من جعل له الخيار لا حقيقة البيع فلا يلزم المحذور المذكور ( قوله تأويلان ) الأول لبعض شيوخ ابن يونس والثاني للخمي ( قوله ; لأنه صار بائعا ) وذلك ; لأن المشتري لما اتفق مع البائع على ما جعل لكل منهما من الخيار عد بائعا ; لأنه أخرج السلعة عن ملكه بعد وقوع البيع على البت ، والحاصل أن تراضيهما على الخيار بعد البت بيع مؤتنف بمنزلة بيع المشتري لها ومن غير البائع والضمان في مدة الخيار من البائع ( قوله ، ولو جعل البائع الخيار للمشتري ) هذا مبالغة في قوله ، وضمنه المشتري أي هذا إذا جعل المشتري الخيار للبائع اتفاقا بل ، ولو جعل البائع الخيار للمشتري بناء على المذهب من أن اللاحق للعقود ليس كالواقع فيها أما على مقابله من أن اللاحق للعقود كالواقع فيها فالضمان من البائع في تلك الحالة . .




الخدمات العلمية