الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( درس ) { فصل } في بيان أن العقد على شيء يتناول غيره بالتبع ( تناول البناء والشجر ) أي العقد عليهما من بيع أو رهن أو وصية وينبغي أن الهبة والصدقة والحبس كذلك ( الأرض ) التي هي بها ( وتناولتهما ) أي تناول العقد على الأرض ما فيها من بناء وشجر [ ص: 171 ] ومحل ذلك إن لم يكن شرط أو عرف وإلا عمل عليه ( لا الزرع والبذر ) صوابه والبذر لا الزرع أي وتناول العقد على الأرض ما فيها من بذر لا الزرع الظاهر عليها لأن إباره خروجه فلا تتناوله ( و ) لا تتناول ( مدفونا ) فيها من رخام أو عمد أو غير ذلك حيث باع أرضه غير عالم بما فيها وعلم المالك أو ادعاه وأشبه أن يملكه هو أو مورثه وإلا فهو لقطة إن علم أنه لمسلم أو ذمي وإلا فركاز وهذا معنى قوله ( كلو جهل ) مالكه أي فلا تتناوله بل لقطة أو ركاز وأما ما تخلق فيها من المعادن فهو للمشتري جزما ويؤخذ منه أن من اشترى حوتا فوجد في بطنه جوهرة أنها للمشتري ما لم يعلم أنه جرى عليها ملك الغير وإلا فهي لقطة

التالي السابق


( فصل تناول البناء والشجر الأرض إلخ ) قد اشتمل هذا الفصل على أربعة أشياء المداخلة وبيع الثمار والعرايا والجوائح قال ابن عاشر ولم يحضرني وجه مناسبة بعضها لبعض كما لم يظهر لي وجه مناسبة هذا الفصل لما قبله ا هـ وقد بين خش المناسبة بينهما وحاصل ما ذكره أن المرابحة تارة تكون زيادة في الثمن وتارة تكون نقصا منه والتداخل المذكور في هذا الباب يشبه المرابحة من جهة أنه زيادة في المبيع تارة ونقص منه أخرى والزيادة هي المشار لها بقوله تناول البناء والشجر الأرض إلخ والنقص هو المشار له بقوله لا الزرع ولا الشجر المؤبر فإذا عقد على شجر وفيه ثمر مؤبر أو على أرض وفيها زرع فلا يتناوله فهو نقص بحسب الظاهر ( قوله تناول البناء والشجر الأرض ) أي تناول العقد عليهما الأرض تناولا شرعيا وإن لم يجر عرف بذلك التناول ما لم يجر عرف بخلافه كما سيقول الشارح ( قوله التي هما بها ) أي لا أزيد أي وهو ما يمتد فيه جريد النخلة وجدرها المسمى بحريم النخلة إلا أن يشترط دخوله ، وعدم دخول حريم النخلة طريقة للشيخ سالم وتت والشيخ خضر ورجحها شب تبعا لعج واستظهر الشيخ أحمد الزرقاني دخوله في العقد على الشجرة وهو ما في الذخيرة ورجحه بعض وشارحنا قد مشى على الطريقة الأولى ( قوله أي تناول العقد على الأرض ) أي سواء كان العقد بيعا أو رهنا أو وصية أو هبة أو صدقة أو حبسا ( قوله ما فيها من بناء وشجر ) وإذا كان على [ ص: 171 ] الشجر الذي دخل تبعا للأرض ثمر مؤبر فهو للبائع للسنة خلافا لابن عتاب محتجا بأنه حيث تناولت الأرض الشجر وهو أصل الثمر المؤبر فتتناوله بالأولى أما إن كان غير مؤبر فهو للمشتري اتفاقا .

( قوله ومحل ذلك ) أي ومحل تناول العقد على البناء والشجر للأرض وتناول العقد على الأرض ما فيها من بناء وشجر كان ذلك العقد بيعا أو غيره إن لم يكن شرط أو عرف بخلافه وإلا عمل بذلك الشرط أو العرف فإذا اشترط البائع أو الراهن أو نحوهما إفراد البناء أو الشجر عن الأرض أو جرى العرف بإفرادهما عن الأرض في البيع أو الرهن أو نحوهما فلا تدخل الأرض في العقد عليهما وكذلك لو اشترط البائع إفراد الأرض عن البناء والشجر أو جرى العرف بإفرادهما عن الأرض في البيع أو الرهن أو نحوهما فلا تدخل الأرض في العقد عليهما ، وكذلك لو اشترط البائع إفراد الأرض عن البناء والشجر أو جرى العرف بذلك فإنهما لا يدخلان في العقد على الأرض .

{ تنبيه } ليس من الشرط تخصيص بعض أمكنة بالذكر بعد قوله جميع ما أملك مثلا فإذا قال بعته جميع أملاكي بقرية كذا وهي الدار والحانوت مثلا وله غيرهما فذلك الغير للمبتاع أيضا ولا يكون ذكر الخاص بعد العام مخصصا له لأن ذكر الخاص بعد العام إنما يخصصه ويقصره على بعض أفراده إذا كان منافيا له وهنا ليس كذلك ( قوله صوابه والبذر ) أي عطفا على الضمير البارز في تناولتهما أي تناول العقد على الأرض ما فيها من بناء وشجر وتناول أيضا البذر المغيب فيها لا الزرع البارز على وجهها وإنما كان هذا الصواب لأن البذر إن جعل عطفا على الزرع كان ماشيا على خلاف المشهور من عدم تناول الأرض للبذر وإن جعل البذر عطفا على المثبت يلزم عليه الفصل بين المنفيين بمثبت لأن قوله ومدفونا عطف على الزرع فيكون فيه تشتيت في العطف حيث عطف على المثبت تارة وعلى المنفي أخرى ( قوله لأن إباره ) أي المفيت لدخوله تبعا خروجه من الأرض أي ظهوره على وجهها وما ذكره من أن إبار الزرع خروجه من الأرض هو المشهور ويترتب عليه ما ذكر من تناول العقد على الأرض البذر الكائن فيها وعدم تناوله للزرع الظاهر على وجهها وقيل إن إبار الزرع بخروج البذر من يد باذره وعليه فلا يتناول العقد على الأرض البذر ولا الزرع وقيل إباره بإفراكه وعلى هذا فالعقد على الأرض يتناول البذر المغيب فيها والزرع الظاهر على وجهها .

( قوله فلا تتناوله ) أي لما يأتي من أن المؤبر لا يدخل تبعا ( قوله ولا تتناول ) أي الأرض أي العقد عليها مدفونا إلخ ( قوله أو ادعاه ) أي شخص فليس الفاعل ضميرا عائدا على المالك ( قوله فهو لقطة ) أي يعرفها واجدها سنة وبعدها توضع في بيت المال هذا مقتضى نص بن خلافا لما في عبق من أن المراد بكونه لقطة أنه يوضع في بيت المال ابتداء من غير تعريف سنة لأن شأن المدفون طول العهد فهو مال جهلت أربابه محله بيت المال ( قوله فركاز ) أي فيخمس والباقي لواجده ( قوله وإلا فهي لقطة ) أي وإلا بأن علم أنه جرى عليها ملك الغير بأن وجدت مثقوبة فهي لقطة فمحل كونها للمشتري إذا علم أو ظن أو شك أنها تخلقت في بطنه وما ذكره من أنها إذا لم يعلم أنه جرى عليها ملك لأحد تكون للمشتري أحد أقوال ثلاثة واختاره الشيخ أحمد الزرقاني وقيل إنها للبائع وصوبه بعضهم وقيل إن بيع الحوت وزنا فالجوهرة الموجودة في بطنه للمشتري وإن بيع جزافا فهي للبائع




الخدمات العلمية