الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ درس ]

( و ) الشرط الخامس ( أن تبين صفاته ) أي السلم بمعنى المسلم فيه ( التي تختلف بها القيمة في السلم عادة ) ببلد السلم ومكانه فإن القيمة تختلف باختلاف الصفات كما في البربري والرومي والبخت والعراب والكبر والصغر نعم لو قال التي تختلف بها الرغبات كان أوضح ( كالنوع ) أي الصنف كرومي وبربري ( والجودة والرداءة و ) التوسط ( بينهما ) وقوله ( واللون ) الأظهر أنه بالجر عطف على النوع وأدخلت الكاف الطول والعرض والغلظ والرقة والكبر والصغر وليس بلازم بيان الجميع في كل مجرور بفي مما سيذكره المصنف وإنما المراد فيما يحتاج لبيان اللون وما أدخلته الكاف مثلا بيان اللون في الحيوان إنما هو في بعضه كالآدمي والخيل لا في الطير ونحوه كما أشار له بقوله التي تختلف بها القيمة وقوله في الحيوان إلخ متعلق بتبيين صفاته فإن اختص نوع بشيء عطفه عليه بالواو كقوله ومرعاه فإنه خاص بالعسل ( في الحيوان والثوب والعسل و ) يزيد على بيان اللون وما قبله ( مرعاه ) أي مرعى العسل أي مرعى نحله على قرط أو غيره ( و ) كذا يبين ما ذكر ( في التمر والحوت ) ويزيد [ ص: 209 ] ( الناحية والقدر ) كالكبر والصغر ( و ) كذا ( في البر و ) يزيد فيه على ما مر من الأوصاف الخمسة ( جدته ) أو قدمه ( وملأه ) أو ضامره ( وإن اختلف الثمن بهما ) وإلا فلا ( وسمراء أو محمولة ببلد هما ) أي السمراء والمحمولة ( به ) أي فيه نبتا بل ( ولو بالحمل ) إليها من غيرها والموافق للنقل أن يقول ولو بالنبت لأنه المختلف فيه ( بخلاف ) ما إذا لم يكونا معا ببلد بل أحدهما نحو ( مصر فالمحمولة ) وهي البيضاء ( و ) نحو ( الشام فالسمراء ) أي فهي التي يقضى بها فيه ولا يحتاج لذكر البيان ابتداء وهذا بالنسبة للزمن المتقدم وإلا فهما في زماننا في كل منهما فلا بد من البيان ابتداء وإلا فسد العقد ( و ) بخلاف ( نقي أو غلث ) بكسر اللام فلا يجب البيان ويحمل على الغالب إن كان وإلا فالمتوسط كما يأتي وفي نسخة ونفي الغلث بنون وفاء مصدر مضاف للغلث أي وبخلاف نفي الغلث فلا يجب ذكره بل يندب فإن لم يذكر حمل على الغالب ( و ) يبين ما ذكر ( في الحيوان و ) يزيد ( سنه والذكورة والسمن وضديهما و ) يبين ما ذكر ( في اللحم و ) يزيد ( خصيا وراعيا أو معلوفا ) لاختلاف الأغراض في ذلك ( لا ) يشترط أن يبين في اللحم ( من كجنب ) إذا لم تختلف فيه الأغراض وإلا وجب البيان ( و ) يبين ما ذكر ( في الرقيق و ) يزيد ( القد ) أي القدر من طول أو قصر ونحوهما ( والبكارة واللون ) [ ص: 210 ] الخاص به ككونه شديد البياض أو مشربا بحمرة ( قال ) المازري ( وكالدعج ) وهو شدة سواد العين مع سعتها والكحل وهو الحور أي شدة بياض العين وسوادها ( وتكلثم الوجه ) وهو كثرة لحم الخدين والوجه بلا كلح وهو تكشر في عبوسة ( و ) كذا ( في الثوب و ) يزيد ( الرقة والصفاقة وضديهما و ) يبين ( في الزيت ) النوع ( المعصر منه ) من الزيتون أو السمسم أو حب الفجل أو بزر الكتان ( وبما يعصر به ) من معصرة أو ماء وهذا وما قبله مستغنى عنه بما تقدم ( وحمل في ) إطلاق ( الجيد والرديء على الغالب ) إن كان ( وإلا فالوسط ) أي يقضى بالمتوسط بين الجودة والرداءة

التالي السابق


( قوله وأن تبين صفاته التي تختلف بها ) أي بسببها ( قوله كان أوضح ) أي لأن المنظور له اختلاف الأغراض لا القيمة وقد يقال إن القيمة تتبع الرغبات وتختلف باختلاف الأغراض وحينئذ فالصفات التي تختلف بها القيمة تختلف بها الأغراض وحينئذ فعبارة المصنف ظاهرة لا اعتراض عليها ( قوله كالنوع ) خبر لمبتدأ محذوف أي وذلك كالنوع وما عطف عليه والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا كأنه قيل وما تلك الأوصاف التي تختلف بها القيمة فقال وذلك كالنوع ( قوله أي الصنف ) فلا يصح أن يقول أسلمك في آدمي مثلا بل لا بد من بيان صنفه ( قوله واللون ) أي ككونه أحمر أو أبيض أو أسود ( قوله الأظهر أنه بالجر ) أي ويجوز فيه الرفع والنصب أي واللون يزيده على ما تقدم في الحيوان والثوب والعسل أو ويزيد اللون على ما تقدم في الحيوان والثوب والعسل ( قوله وأدخلت الكاف ) أي الداخلة على اللون ( قوله وليس بلازم إلخ ) أي بل بيان الصنف والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما لازم في كل مبيع وأما اللون وما أدخلته الكاف من الطول والعرض إلخ إنما يحتاج لبيانه إذا كانت الأغراض تختلف باختلافه واللون تختلف الأغراض باختلافه في الثياب والعسل وبعض الحيوان كالآدمي والخيل ، والطول والعرض تختلف الأغراض باختلافهما في الثياب ، والغلظ والرقة تختلف الأغراض باختلافهما في الثياب والعسل ، والصغر والكبر تختلف الأغراض باختلافهما في الحيوان ( قوله وإنما المراد ) أي بقوله وأن يبين كاللون فيما يحتاج لبيان اللون .

( قوله وما أدخلته الكاف ) أي ولبيان ما أدخلته الكاف من الطول والعرض والغلظ والرقة والصغر والكبر ( قوله ونحوه ) أي كالبقر والجاموس والغنم ( قوله متعلق بتبيين صفاته ) أي وأن تبين في الحيوان والثوب والعسل صفاته التي تختلف بها القيمة عادة وذلك كالنوع والجودة والرداءة والتوسط بينهما واللون هذا إذا قرئ اللون بالجر وأما على قراءته بالنصب أو الرفع فقوله في الحيوان متعلق بمحذوف أي ويزيد على ما تقدم من النوع وما بعده في الحيوان والثياب والعسل اللون أو واللون يزاد على ما تقدم في الحيوان ( قوله ومرعاه ) اعترضه ابن غازي بأنه لم ير من ذكر وجوب بيان المرعى في العسل والمصنف مطلع ورده ح بأن المازري في شرح التلقين نص عليه ا هـ بن وإنما وجب بيان المرعى في العسل لاختلافه بذلك طعما ورائحة وحلاوة ( قوله يبين ما ذكر ) أي من النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط [ ص: 209 ] قوله الناحية ) أي المأخوذ منها ككون التمر مدنيا أو ألواحيا أو برلسيا والحوت من بحر عذب أو ملح أو من بركة الفيوم أو نحو ذلك ( قوله كالكبر والصغر ) أي فيبين في التمر والحوت كونه كبيرا أو صغيرا أو متوسطا ( قوله وكذا في البر ) أي وكذا يبين ما ذكر في البر ( قوله من الأوصاف الخمسة ) أي نوعه وجودته أو رداءته أو كونه متوسطا ولونه من كونه أبيض أو أحمر ولا بد فيه أيضا من ذكر البلد إن اختلفت قيمة البر باختلاف البلاد أخذا من قوله وأن تبين صفاته التي تختلف بها القيمة عادة ( قوله إن اختلف الثمن بهما ) أي بكل واحد منهما مع مقابله فالمدار على عرف البلد إن اختلف الثمن فيها بذلك وجب البيان وإلا فلا ولا شك أن هذا المعنى قد أشار له المصنف أولا بقوله وأن تبين صفاته التي تختلف بها القيمة عادة وحينئذ فلا حاجة لما هنا مع ما تقدم ( قوله وسمراء ) أي ويذكر كونها سمراء أي حمراء وقوله أو محمولة أي بيضاء وقوله ببلد هما أي إذا وقع عقد السلم ببلد هما به واعترض على المصنف بأنه إن أريد بالسمراء والمحمولة مطلق سمراء ومحمولة كان ذكر النوع مغنيا عنهما لأنهما نوعان للبر وإن أريد بها سمراء على وجه خاص أي شديدة الحمرة وبالمحمولة المحمولة على وجه خاص أي شديدة البياض كانت الجودة والرداءة مغنية عنهما لأنهما حينئذ داخلان في الجودة والرداءة والحاصل أن ذكر النوع والجودة والرداءة مغن عن ذكر السمراء والمحمولة ( قوله ولو بالحمل ) رد بلو على ابن حبيب القائل أنهما إذا كانا يحملان لبلد فلا يجب البيان أي بيان كونهما سمراء أو محمولة ولا يفسد السلم بترك بيان ذلك ( قوله والموافق للنقل ) أي نقل ابن يونس والحاصل أن ابن يونس حكى خلاف ابن حبيب في النبت فقال إذا كانا في البلد نبتا فلا يجب البيان عند ابن حبيب وأما بلد الحمل فيجب فيها البيان اتفاقا وطريقة ابن بشير كما قال المصنف أن خلاف ابن حبيب إنما هو في بلد الحمل وأما بلد النبت فيجب فيها البيان اتفاقا ( قوله فالمحمولة ) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر أي بخلاف مصر فلا يجب البيان وإذا أردت معرفة المقضي به فيها فالمحمولة لأنها هي الموجودة فيها وكذا يقال فيما بعده .

( قوله وهذا ) أي كون الموجود بمصر إنما هو المحمولة والموجود بالشام إنما هو السمراء بالنسبة للزمان المتقدم ( قوله وإلا ) أي وإلا نقل أن هذا بالنسبة للزمان المتقدم بل قلنا إن هذا حتى بالنسبة لزماننا هذا فلا يصح لأنهما أي السمراء والمحمولة في كل من مصر والشام في زماننا هذا ( قوله ويحمل ) أي عند عدم البيان وقوله على الغالب أي على الأكثر عند أهل البلد في الإطلاق لا الوجود على ما يأتي في المتن ( قوله ما ذكر ) أي من النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما ولا يحتاج لبيان اللون في الحيوان إلا إذا كان آدميا أو من الخيل كما مر للشارح ( قوله ويزيد سنه ) أي ففي الرقيق يذكر كونه بالغا أو مراهقا أو يافعا وهو ما دون المراهق وفي غير الرقيق يبين كونه جذعا أو ثنيا أو يذكر عدد السنين كابن سنة أو سنتين وقد يستغنى عن ذكر السن بذكر الجودة أو الرداءة لأن ما صغر سنه من مأكول اللحم جيد وغير مأكول اللحم ربما يرغب في كبيره ما لا يرغب في صغيره وقد يستغنى بالجودة والرداءة عن ذكر السمن والذكورية وضديهما ( قوله والسمن ) المواق لم أر من ذكر السمن في الحيوان ا هـ قلت ذكره أبو الحسن عن جامع الطرر ونقله المواق عن ابن يونس في اللحم والحيوان مثله ا هـ بن ( قوله ويبين ما ذكر في اللحم ) المراد بما ذكر النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما والذكورة والسمن وضديهما ا هـ ( قوله لا من كجنب ) أي أو ظهر أو فخذ ( قوله الخاص به ) دفع بهذا ما يقال أن ذكر اللون هنا مكرر مع ما مر وحاصل الجواب حمل ما هنا على اللون الخاص بالرقيق وما تقدم [ ص: 210 ] يحمل على اللون العام مثل مطلق حمرة أو سواد وقد يقال إذا حمل ما تقدم على اللون العام كأن يستغنى عنه بذكر الجنس تأمل ابن غازي وفي أكثر النسخ إسقاط اللون هنا لتقدمه في الحيوان الذي هو أعم من الرقيق وعلى هذا فيحمل اللون فيما تقدم على الخاص ولا يغني عنه ذكر الجنس .

( قوله الخاص به ) أي فإذا أسلم في عبد رومي فيذكر لونه الخاص به مثل كونه شديد البياض وبياضا مشربا بحمرة وإذا أسلم في عبد أسود فيذكر لونه الخاص به مثل كونه شديد السواد أو كونه يميل لصفرة أو لحمرة ( قوله والكحل ) أي ويزيد الكحل وهو داخل تحت الكاف ( قوله وهو ) أي الكحل ( قوله وكذا في الثوب ) أي وكذا يبين ما تقدم من النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما واللون في الثوب ولو حذف الثوب فيما مر لكان أولى لإغناء ما هنا عنه أو قال أولا في الحيوان والعسل ومرعاه وفي الثوب والرقة والصفاقة وضديهما لا غنى عما هنا تأمل ( قوله وضديهما ) ضد الرقة الغلظ والصفاقة وهي المتانة ضدها الخفة ( قوله المعصر منه ) اعترض بأن المسموع في فعله عصر ثلاثيا فكان حقه أن يقول المعصور منه كذا بحث ابن غازي وأجاب بعضهم بورود أعصر الرباعي في قوله تعالى { وأنزلنا من المعصرات } قيل هي الريح لأنها تعصر السحاب ( قوله من الزيتون ) بيان للنوع المعصر منه ( قوله وهذا ) أي بيان المعصر به والمعصر منه ( قوله بما تقدم ) أي بيان النوع والجودة والرداءة وفيه أن هذا الاعتراض لا يتوجه على المصنف إلا لو قال وفي الزيت والمعصر منه بالواو كما قال فيما سبق حتى يفهم منه الاحتياج لبيان الأوصاف السابقة ويزيد عليها بيان المعصر منه والمعصر به وأن ذلك قدر زائد على ما سبق فيقال إنه ليس كذلك إذ ما هنا مندرج فيما سبق والمصنف إنما قال وفي الزيت المعصر منه أي ويبين في الزيت النوع المعصر منه وهذا لا يفيد أنه يذكر الأوصاف السابقة ويزيد عليها بيان المعصر منه تأمل ( قوله وحمل إلخ ) مثلا لو كان أهل البلد يطلقون الجيد على القمح الذي إذا غربل الإردب منه يأتي نصف إردب وعلى الإردب الذي إذا غربل يأتي ثلثي إردب وعلى القمح الذي إذا غربل الإردب منه يأتي ثلاثة أرباع الإردب وكان الغالب في الإطلاق الأخير فإذا أسلم في قمح وقال بشرط أن يكون جيدا وأطلق قضي بهذا الغالب في الإطلاق فلو كان أهل البلد يطلقون الجيد على الثلاثة من غير أغلبية في الإطلاق قضي بالوسط وهو الذي إذا غربل الإردب منه يأتي ثلثي إردب فقوله على الغالب أي في إطلاق لفظ الجيد عليه كما يفيده الباجي لا ما يغلب وجوده في البلد كما قاله ابن فرحون في شرح ابن الحاجب وقوله وإلا فالوسط أي مما يصدق عليه الجيد والرديء وليس المراد المتوسط بين الجيد والرديء كما قال الشارح تبعا لابن فرحون كذا قرر شيخنا تبعا لعبق ولكن ما قاله ابن فرحون من أن المراد بالغالب الغالب في الوجود أي الأكثر عند أهل البلد وأن المراد بالمتوسط المتوسط بين الجيد والرديء هو ما ارتضاه طفي وبن




الخدمات العلمية