الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) رهن ( ما لم يبد صلاحه ) من ثمر أو زرع بل ولو لم يوجد كما عزاه ابن عرفة لظاهر الروايات [ ص: 234 ] ( وانتظر ) بدو صلاحه ( ليباع ) بعده في الدين ( وحاص مرتهنه ) أي مرتهن ما لم يبد صلاحه بدينه كله الغرماء ( في الموت والفلس ) قبل بدو الصلاح فيما عدا الثمرة أو الزرع الذي لم يبد صلاحه ( فإذا صلحت ) أي بدا صلاحها بعد المحاصة ( بيعت ) واختص المرتهن بثمنها ( فإن وفى ) ثمنها بالدين ( رد ) للغرماء جميع ( ما ) كان ( أخذه ) في المحاصة يتحاصون فيه ( وإلا ) يف الثمن بدينه ( قدر ) أولا ( محاصا ) للغرماء ( بما بقي ) له من دينه بعد اختصاصه بما أخذه من الثمن لا بالجميع كما لو كان عليه ثلثمائة دينار لثلاثة أنفار لكل واحد مائة ورهن لأحدهم ما لم يبد صلاحه ففلس أو مات فوجد عند الراهن مائة وخمسون دينارا فإن الثلاثة يتحاصون فيها فيأخذ كل خمسين نصف دينه وإنما دخل المرتهن معهم ; لأن دينه متعلق بالذمة لا بعين الرهن والرهن لا يمكن بيعه الآن ، فإذا حل بيعه ببدو الصلاح بيع واختص المرتهن بالثمن ، فإن كان الثمن مائة رد الخمسين التي كان أخذها ، وكذا ما زاد على المائة إن بيعت بأكثر لتبين أنه لا يستحقها وإن بيعت بأقل كخمسين اختص بها وقدر محاصا بالخمسين الباقية له من دينه فليس له من المائة والخمسين إلا ثلاثون مع الخمسين ثمن الثمرة يجتمع له ثمانون ويرد لصاحبيه عشرين لكل عشرة مع الخمسين فيصير لكل منهما ستون ، ثم أخذ يبين رحمه الله تعالى محترز من له البيع وما يباع فأشار للأول بقوله ( لا ) من ليس له البيع ( كأحد الوصيين ) فلا يرهن كما لا يبيع ، ولا يشتري إلا بإذن صاحبه إذا لم يكن كل منهما مطلق التصرف وإلا جاز ودخل في كلامه أحد الوكيلين والقيمين من كل من توقف تصرفه على تصرف الآخر .

التالي السابق


( قوله وما لا يبدو صلاحه ) أي على المشهور لما علمت من أن الغرر جائز في هذا الباب ( قوله لظاهر الروايات ) أي خلافا لما في خش من أن ما لم يخلق من الزرع أو الثمر لا يصح رهنه كرهن الجنين وهو ما للمازري ونص ابن عرفة المازري ورهن ثمرة لم تخلق كالجنين . قلت ظاهر الروايات خلاف ذلك ا هـ وقال ابن حارث اتفق ابن القاسم وابن الماجشون على ارتهان الثمرة التي لم تظهر واختلفا في [ ص: 234 ] ارتهان ما في البطن فأجازه ابن الماجشون كالثمرة ومنعه ابن القاسم وقال المازري في موضع آخر يجوز إفراد ثمر النخل بالرهن وإن لم يظهر ، وقد أجازوا ارتهانه سنين والحال أنه لم يظهر في الثانية انظر بن . ( قوله وانتظر إلخ ) يعني إذا رهن زرعا أو ثمرا لم يبد صلاحه ومات أو فلس قبل بدو صلاحه ولا مال له فإنه ينتظر لبدو الصلاح ، ثم يباع ويوفى دين المرتهن من ثمنه وهو أحق به من الغرماء فقوله وانتظر إلخ أي وإذا لم يكن له مال غيره انتظر إلخ .

( قوله وحاص مرتهنه إلخ ) يعني أن من رهن ثمرا أو زرعا لم يبد صلاحه ، ثم مات أو فلس قبل بدو الصلاح وخلف مالا من نقد أو عرض أو حيوان غير ذلك الرهن الذي لم يبد صلاحه فإن المرتهن يحاصص الغرماء بجميع دينه في المال الذي تركه غير الرهن ( قوله فإن وفى ثمنها بالدين ) أي بدين المرتهن كله ( قوله قدر إلخ ) تعبيره بقدر ظاهر وذلك لأن المحاصة قد وقعت والذي يقع بعد البيع بتقدير أنه ليس له إلا ما بقي بعد ثمن ما بيع فكأن المحاصة الواقعة سابقا بالباقي فيرد ما فضل به الغرماء قاله شب ( قوله والرهن لا يمكن بيعه ) أي ; لأن الرهن لا يمكن إلخ فهو عطف علة على معلوم . ( قوله إلا ثلاثون ) وذلك لأنك تجمع الديون وتنسب ما لكل واحد لذلك المجموع وبتلك النسبة يؤخذ له من تركة الميت أو من مال المفلس فمجموع الدين مائتان وخمسون والمرتهن له منها خمسون نسبتها لمجموع الديون خمس فيعطى خمس مال المفلس وهو مائة وخمسون يكن ذلك ثلاثين .

( قوله كأحد الوصيين ) أي على يتيم ، وقوله فلا يرهن أي شيئا من مال اليتيم في دين عليه ، وقوله إلا بإذن صاحبه أي ; لأن له نصف النيابة عن الموصي ، فإن اختلفا نظر الحاكم في ذلك ( قوله مطلق التصرف ) أي من قبل الأب الذي أوصاهما بأن نص على استقلال كل منهما بالتصرف أو بالرهن والظاهر كما في عبق أن إيصاءهما مترتبين كنصه على الاستقلال بالتصرف ( قوله ودخل في كلامه إلخ ) أي لأن الكاف في الحقيقة داخلة على المضاف إليه والمعنى لا أحد كوصيين ( قوله والقيمين ) أي اللذين أقامهما القاضي للنظر في شأن اليتيم ( قوله من كل ما توقف إلخ ) هذا بيان لمحذوف أي ونحوهما من كل ما توقف إلخ وذلك كالناظرين على وقف .




الخدمات العلمية