الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وأدب في يا ابن الفاسقة أو الفاجرة ) ; لأن الفسق الخروج عن الطاعة فليس نصا في الزنا ، والفجور كثرة الفسق وقبل كثرة الكذب لكن هذا يعارض ما تقدم في كيا قحبة من أن : يا فاجرة مثله إلى أن يحمل ما مر على ما إذا كان العرف فيه القذف ( أو يا حمار ) أو ( يا ابن الحمار ) فيؤدب ( أو ) قال لغيره ( أنا عفيف ) أو ما أنت بعفيف بدون ذكر الفرج ; لأن العفة تكون في الفرج وغيره إلا أن تقوم قرينة إرادة الفرج فيحد ( أو إنك ) بكسر الهمزة وتشديد النون وكسر الكاف ( عفيفة ) فيؤدب ( أو ) قال له ( يا فاسق أو يا فاجر ) فيؤدب إلا لقرينة إرادة الزنا وكذا يؤدب في نحو يا شارب الخمر أو يا كافر أو يا يهودي ( وإن ) ( قالت ) امرأة ( بك جوابا لزنيت ) أي لقول رجل لها أنت زنيت [ ص: 331 ] ( حدت ) حدين للزنا لتصديقها له وهو إقرار منها ما لم ترجع عنه ( والقذف ) للرجل ; لأنها قذفته بقولها بك ( وله ) أي للمقذوف حد ( أبيه ) وأمه القاذف كل منهما له ( وفسق ) بحده فلا تقبل له شهادة وكذا إذا وجب له قبل أبيه يمين فله تحليفه ويصير بذلك فاسقا لا يقال إباحة القيام بحقه تقتضي عدم المعصية فكيف يكون فاسقا على ما مشى عليه المصنف ; لأنا نقول لا يلزم من تفسيقه كونه عن معصية ; لأن المراد بالتفسيق عدم قبول شهادته وهو قد يحصل بالمباح كالأكل في السوق كما أشرنا له ثم ما مشى عليه المصنف ضعيف والمذهب أنه ليس للابن حد أبيه ولا تحليفه .

التالي السابق


( قوله : مثله ) أي مثل قحبة في لزوم الحد .

( قوله : إلا أن يحمل ما مر على ما إذا كان العرف فيه القذف ) أي وما هنا على خلافه ( قوله : أو يا ابن الحمار ) أي ويا خنزير أو يا ابن الخنزير أو يا كلب أو يا ابن الكلب .

( قوله : أو أنا عفيف أو ما أنت بعفيف ) أي إذا قال ذلك لامرأة وأما إن قال ذلك لرجل فإنه يحلف ، فإن نكل عن اليمين حد كما في التوضيح فقول عبق أو قال لرجل فيه نظر ا هـ بن .

( قوله : بدون ذكر الفرج ) أي فيؤدب ولو في مشاتمة .

( قوله : لأن العفة تكون في الفرج وغيره ) أي كالمطعم ونحوه فلما أسقط الفرج احتمل العفة في المطعم والفرج ولم يكن نصا في الفرج ( قوله : أو يا فاسق إلخ ) أي وإن كان متصفا بالفسق بمعنى الخروج عن الطاعة .

( قوله : إلا لقرينة إرادة الزنا ) أي وذلك كما لو قال له يا فاجر بفلانة فإنه يحد ; لأن ذكرها قرينة القذف ، إلا لقرينة تدل على عدم إرادة الفاحشة كمطله بحق امرأة أو جحد حقها فقال له يا فاجر بفلانة أتريد أن تفجر علي أيضا ؟ ، فيحلف ما أراد فاحشة وإنما أراد ذلك ولا شيء عليه كما في المدونة زاد اللخمي ، فإن نكل عن اليمين لم يحد لأنها يمين استظهار .

( قوله : أو يا يهودي ) أي أو يا آكل الربا ( قوله : وإن قالت امرأة ) أي أجنبية أي وأما الزوجة إذا قال لها أنت زنيت أو يا زانية فقالت له زنيت بك فلا حد عليها باتفاق لأنها قد تريد النكاح والخلاف في الزوج فقال ابن القاسم يحد ، إلا أن يلاعن وقال عيسى لا حد عليه ولا لعان كذا [ ص: 331 ] في ابن عرفة والتوضيح ، والمعتمد كلام ابن القاسم انظر بن .

( قوله : حدت ) أي ولا يحد الرجل ; لأنها صدقته قاله في المدونة ا هـ بن .

( قوله : ما لم ترجع عنه ) أي فإن رجعت عن قولها حدت لقذف الرجل فقط .

( قوله : والقذف للرجل ) أي وحدت لقذف الرجل أيضا وظاهره ولو رجعت عن إقرارها وقالت لم أرد إقرارا ولا قذفا وإنما أردت بقولي زنيت بك بمجرد المجاوبة وهو كذلك عند ابن القاسم ونص ابن عرفة من قال لامرأة يا زانية فقالت له بك زنيت فقال مالك : تحد للرجل وللزنا ولا يحد ; لأنها صدقته ، إلا أن ترجع عن قولها فتحد للرجل فقط وقال أشهب إن رجعت وقالت ما قلت ذلك ، إلا على وجه المجاوبة ولم أرد قذفا ولا إقرارا فلا تحد ويحد الرجل ا هـ فأنت تراه جعل كلام أشهب مقابلا لمذهب المدونة انظر بن .

( تنبيه ) لو قال شخص لآخر يا زاني فقال له الآخر أنت أزنى مني لم يحد القائل الأول ; لأنه قذف غير عفيف وحد الثاني للزنا والقذف ، فإن قال له يا معرص فقال له أنت أعرص مني حد الأول لزوجة الآخر وأدب وحد الثاني لزوجته ولزوجة الأول حدا واحدا وأدب له هذا إذا لم يلاعن الثاني لزوجته ، فإن لاعن لها حد لزوجة الأول إن قامت به بعد ما لاعن زوجته ، فإن قامت به قبل فحده لها حد لزوجته .

( قوله : القاذف كل منهما له ) أي تصريحا وأما قذفهما له بالتعريص فلا حد فيه ولا أدب كما مر ( قوله : وفسق ) أي الولد المقذوف بحده أي لأبيه أو أمه ( قوله : فكيف يكون فاسقا ) أي مع أنه غير عاص ( قوله : وهو قد يحصل بالمباح ) أي المخل بالمروءة .

( قوله : ليس للابن حد أبيه ولا تحليفه ) أي وكذلك أمه ليس له حدها ولا تحليفها فلا يمكن من ذلك إن طلبه




الخدمات العلمية