الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بقوله ( والثلث ) فرض اثنين الأول ( الأم ) عند فقد الولد وولد الابن وعدم اثنين من الإخوة أو الأخوات ( و ) الثاني ( ولداها فأكثر ) أي الإخوة من الأم عند تعددهم ( وحجبها ) أي الأم ( من الثلث للسدس ولد ) ولو أنثى ( وإن سفل ) كولد الابن أو ولد ابن الابن ( و ) حجبها للسدس أيضا ( أخوان أو أختان مطلقا ) أشقاء أو لأب أو لأم أو بعض وبعض ذكورا أو إناثا أو مختلفين وشمل إطلاقه ما إذا كانا محجوبين بالشخص كمن مات عن أم وأخوين لأم وجد لأب فإنهما يسقطان بالجد ومع ذلك يحجبان الأم من الثلث للسدس فهما مستثنيان من قاعدة كل من لا يرث لا يحجب وارثا ولذا قال في التلمسانية : وفيهم في الحجب أمر عجب ; لأنهم قد حجبوا وحجبوا ، وأما المحجوبان بالوصف من رق أو كفر أو قتل فلا يحجبان .

ولما كان الثلث فرض الأم حيث لا ولد ولا ولد ابن ولا من الإخوة ذو عدد وكان كل من الغراوين كذلك ومع ذلك لم تأخذ الثلث جعلوا لها ثلث الباقي عن الفرض ليصدق عليها أنها أخذت الثلث في الجملة فأشار لذلك المصنف بقوله ( ولها ثلث الباقي في ) زوجة ماتت عن ( زوج ، وأبوين ) أصلها من اثنين مخرج نصيب الزوج يبقى واحدة على ثلاثة إذ هي حظ ذكر وأنثى يدليان بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين ، وهو لا ينقسم على ثلاثة فتضرب الثلاثة في أصل المسألة تكون ستة للزوج النصف ثلاثة ، ولها ثلث الباقي واحد من ستة ولو كان بدل الأب جد [ ص: 462 ] لكان لها الثلث من رأس المال .

وأشار لثانية الغراوين بقوله ( و ) لها ثلث الباقي أيضا في زوج مات عن ( زوجة ، وأبوين ) فهي من أربعة للزوجة الربع وللأم ثلث الباقي وللأب الباقي هذا مذهب الجمهور وذهب ابن عباس إلى أن لها ثلث جميع المال في المسألتين نظرا لعموم قوله تعالى : { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث } . ونظر الجمهور إلى أن أخذها الثلث فيهما يؤدي إلى مخالفة القواعد إذ القاعدة أنه متى اجتمع ذكر وأنثى يدليان بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين فخصوا عموم الآية بالقواعد وجعلوا لها ثلث الباقي ; لأن القواعد من القواطع .

التالي السابق


( قوله : والثلث ) بالجر عطف على النصف من قوله سابقا من ذي النصف وقوله الأم بالرفع خبر لمبتدأ محذوف بيان لصاحب الفرض الذي هو الثلث ، وأما ما ذكره الشارح فهو حل معنى لا حل إعراب ( قوله : وولداها ) أي مطلقا كانوا ذكورا أو إناثا أو خناثى أو مختلفين ( قوله : أخوان أو أختان ) قال في التوضيح هذا مذهب الجمهور ، وأخذ ابن عباس رضي الله عنهما بظاهر الآية الكريمة أعني قول الله سبحانه : { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } . فلم يحجبها بالاثنين وقد احتج على عثمان بأن الأخوين ليسا إخوة فقال له عثمان رضي الله عنه حجبها قومك يا غلام أو أجمع قومك على حجبها بالأخوين يا غلام .

( قوله : أشقاء أو لأب أو لأم ) أي فلا فرق بين أن يكون الإخوة أدلوا للميت بها أو لا ، ولا تحجب من أدلى بها عكس القاعدة ، ولذلك يقولون كل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة إلا الإخوة للأم .

والحاصل أن المتعدد منهم يحجبها حجب نقصان ، وهي لا تحجب أحدا منهم ، وإن أدلوا بها عكس القاعدة .

( قوله : كمن مات عن أم إلخ ) أي ، وكذا من مات عن أبوين ، وأخوين مطلقا فللأم السدس لوجود الأخوين مع حجبهما بالأب ( قوله : فهما ) أي الأخوان للأم هذا ظاهره ، وأنت خبير بأن قولهم كل من لا يرث لا يحجب وارثا إلا الإخوة للأم فإنهم قد يحجبون الأم للسدس ولا يرثون يقال عليه لا خصوصية للإخوة للأم بل كذلك الإخوة الأشقاء أو لأب قد يحجبونها ، ولا يرثون وذلك مع وجود الأب تأمل .

( قوله : وفيهم ) أي الإخوة لا بقيد كونهم لأم بل الإخوة مطلقا أشقاء أو لأب أو لأم أو مجتمعين خلافا لما يوهمه صنيع الشارح حيث ساق البيت عقب تمثيله بالإخوة للأم ، وإن كان المثال لا يخصص ( قوله : كذلك ) أي ليس فيها مع الأم ولد للميت ، ولا ولد ابن ، ولا عدد من إخوته ( قوله : تكون ستة ) أي فالستة تصحيح لا تأصيل فقول تت أصلها ستة الأولى التعبير بتصحيحها إذ ليس فيها سدس أصلي لا للأب ، ولا للأم ، وإن كانت ثلث الباقي الذي تأخذه الأم سدسا [ ص: 462 ] في الواقع قاله عبق ( قوله : لكان لها الثلث من رأس المال ) أي ; لأنها ترث مع الجد بالفرض ومع الأب بالقسمة أي وحينئذ يكون أصل المسألة ستة للزوج النصف ثلاثة ، وللأم الثلث اثنان ، وللجد السدس واحد ( قوله : ثلث الباقي ) أي ، وهو في الحقيقة ربع ( قوله : إلى مخالفة القواعد ) ; لأنها إذا أخذت في مسألة الزوج الثلث من رأس المال لأخذت اثنين ، وأخذ الأب واحدا ; لأن المسألة حينئذ من ستة فتكون قد أخذت مثلي الأب ، ولو أخذته في مسألة الزوجة لأخذت أربعة ، وأخذ الأب خمسة ; لأن المسألة حينئذ من اثني عشر ، ولا شك أن هذا مخالف للقواعد إذ القاعدة أنه إذا اجتمع ذكر وأنثى يدليان للميت بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين




الخدمات العلمية