الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفريضة السادسة الموالاة على أحد المشهورين وإليها أشار بقوله ( وهل الموالاة ) وهي فعله في زمن متصل من غير تفريق كثير لأن اليسير لا يضر ويعبر عنها بالفور والتعبير بالموالاة أولى [ ص: 91 ] لأنها تفيد عدم التفريق بين الأعضاء خاصة وهو المطلوب والفور ربما يفيد فعله أول الوقت وأيضا يوهم السرعة في الفعل وكلاهما ليس بمراد ( واجبة إن ذكر وقدر وبنى ) إن أراد الصلاة به أو البقاء على الطهارة ولا يبتدئه أي يكره أو يحرم [ ص: 92 ] إن كان ثلث الأعضاء غسلا على ما يأتي ( بنية ) شرطا ، فإن بنى بغيرها لم يجزه

التالي السابق


( قوله : وهي فعله ) أي الوضوء ( قوله : : من غير تفريق كثير ) أي من غير تفريق أصلا أو مع تفريق يسير ( قوله : لأن اليسير لا يضر ) أي وإنما قيدنا [ ص: 91 ] التفريق بالكثير ; لأن التفريق اليسير لا يضر مطلقا سهوا كان أو عجزا أو عمدا ; لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه وإذا لم يضر التفريق اليسير فيكره إن كان عمدا على المعتمد واليسير مقدر بعدم الجفاف ( قوله : لأنها تفيد عدم التفريق إلخ ) أي تفيد وجوب عدم التفريق بين الأعضاء ( قوله : ربما يفيد فعله ) أي ربما يفيد وجوب فعله أول الوقت ، وقوله : أيضا يوهم السرعة أي وجوب السرعة في الفعل وعدم اغتفار التفريق اليسير ( قوله : إن ذكر وقدر ) أي وأما الناسي والعاجز فلا تجب الموالاة في حقهما وحينئذ إذا فرق ناسيا أو عاجزا ، فإنه يبني مطلقا سواء طال أم لا لكن الناسي يبني بنية جديدة .

وأما العاجز فلا يحتاج لتجديد نية وما ذكره المصنف من التفرقة في العاجز بين الطول وعدمه كالعامد بعد تقييد الوجوب بالقدرة فغير ظاهر ولذا حملوا العاجز في كلامه على غير الحقيقي وهو من عنده نوع تفريط ولو قال المصنف بعد قوله إن ذكر وقدر وبنى إن عجز مطلقا كالناسي بنية كان أولى ويحمل العجز حينئذ على الحقيقي ا هـ بن ( قوله : وبنى ) أي وإن فرق بين الأعضاء بأن غسل وجهه مثلا بنية الوضوء ثم حصل له نسيان فترك الغسل ثم تذكر بنى إن أراد الصلاة بذلك الوضوء الذي فرق فيه ( قوله : أي يكره أو يحرم ) أي فيجري على الخلاف الآتي في قوله وهل تكره الرابعة أو تمنع خلاف وهذا يقتضي أن المراد بقوله وبنى أي استنانا وأنه إذا رفض ما فعل وابتدأ الوضوء كان مخالفا للسنة وكان مرتكبا لمحرم أو مكروه وفيه نظر فقد صرحوا بأن المتوضئ مخير في إتمام وضوئه وتركه فالصواب أن قول المصنف وبنى بنية إلخ معناه وصح البناء بنية إن نسي مطلقا ويجوز له ابتداؤه من أوله وحينئذ فالأولى للشارح حذف قوله ولا يبتدئه إلخ إن قلت : إن العبادة يلزم إتمامها بالشروع فيها والوضوء من جملة العبادات فكيف يخير المتوضئ في إتمام وضوئه وتركه قلت : ليس كل عبادة يلزم إتمامها بالشروع فيها بل بعضها يلزم إتمامها وبعضها لا يلزم ، وقد نظم ذلك ابن عرفة بقوله [ ص: 92 ]

صلاة وصوم ثم حج وعمرة طواف عكوف وائتمام تحتما وفي غيرها كالوقف والطهر خيرن
فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما

( قوله : : إن كان ثلث الأعضاء ) أي وأما إن لم يكن ثلثها فهو مخير إن شاء بنى وإن شاء رفض ما فعل وابتدأ آخر ( قوله : بنية ) أي جديدة ، وقوله شرطا أي حالة كون النية شرطا في البناء ( قوله : فإن بنى بغيرها لم يجزه ) وذلك لو خاض بحرا بعد تذكره بلا نية إتمام الوضوء كما في شب عنها .




الخدمات العلمية