الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفريضة السابعة النية وهي القصد للشيء ومحلها القلب وإنما أخرها المصنف وإن كان حقها التقديم أول الفرائض لكثرة ما يتعلق بها من المسائل فأراد أن يتفرغ من غيرها لها فقال ( ونية رفع الحدث ) أي المنح المترتب أو الصفة المقدرة ( عند ) غسل ( وجهه ) إن بدأ به كما هو السنة وإلا فعند أول فرض ( أو ) نية ( الفرض ) أي فرض الوضوء أي نية أدائه والمراد بالفرض ما تتوقف صحة العبادة عليه ليشمل وضوء الصبي ( أو ) نية ( استباحة ممنوع ) أي ما منعه الحدث بالمعنى المتقدم و " أو " في كلامه مانعة خلو فتجوز الجمع بل الأولى الجمع بين هذه الكيفيات الثلاثة ويضر نية بعضها وإخراج البعض للتنافي كأن يقول : نويت فرض الوضوء لا استباحة الصلاة وإذا نوى أحدها بلا إخراج لغيره أجزأ ( وإن مع ) نية ( تبرد ) أو تدف أو نظافة أو تعليم إذ نية شيء من ذلك [ ص: 94 ] لا تنافي الوضوء ولا تؤثر فيه خللا ( أو ) وإن ( أخرج بعض المستباح ) أي ما أبيح له فعله بالوضوء كما إذا نوى به صلاة الظهر لا العصر أو الصلاة لا مس المصحف أو بالعكس لأن حدثه قد ارتفع باعتبار ما نواه فجاز له فعله به وفعل غيره ( أو ) وإن ( نسي حدثا ) أي ناقضا ونوى غيره من أحداث حصلت منه سواء كان المنوي هو الأول أو غيره ، وكذا إذا لم يكن حصل منه إلا المنسي ولا مفهوم لنسي بل ولو ذكره فالمعتبر مفهوم قوله ( لا أخرجه ) أي الحدث بأن قال : نويت الوضوء من البول لا من الغائط مثلا فلا يصح وضوءه للتناقض ( أو نوى مطلق الطهارة ) الشاملة للحدث والخبث أي من حيث تحققها في أحدهما لا بعينه أما إن قصد الطهارة لا بقيد الشمول فالظاهر الإجزاء كما لسند إذ فعله دليل على طهارة الحدث ( أو ) نوى ( استباحة ما ) أي شيء ( ندبت ) الطهارة ( له ) كقراءة قرآن ظاهرا أو زيارة صالح أو عالم أو نوم أو تعليم علم أو تعلمه أو دخول على سلطان من غير أن ينوي رفع الحدث فلا يرتفع حدثه لأن ما نواه يصح فعله مع بقاء الحدث

التالي السابق


( قوله : وهي القصد إلى الشيء ) أي فهي من باب القصود والإرادات لا من باب العلوم والاعتقادات وحينئذ فهي من كسب العبد ; لأن القصد إلى الشيء توجه النفس إليه فقول عبق إن النية ليست من كسب المتوضئ فيه نظر ( قوله : وإن كان حقها التقديم إلخ ) أي لتقدمها على غيرها من الفرائض في الوجود الخارجي ( قوله : : أي المنع المترتب ) أي على الشخص ( قوله : : عند غسل وجهه ) أي وعليه فينوي للسنن السابقة على الوجه نية منفردة فلا يقال : إنه يلزم على كون النية عند غسل الوجه خلوها عن نية وعلى هذا فللوضوء نيتان وقال بعضهم إن النية عند غسل اليدين للكوعين قال في التوضيح جمع بعضهم بين القولين فقال : إنه يبدأ بالنية أول الفعل ويستصحبها لأول الفروض ، فإذا فعل ذلك صدق عليه أنه أتى بالنية عند غسل اليدين للكوعين وصدق عليه أنه أتى بها عند غسل أول فرض ( قوله : : وإلا فعند أول فرض ) أي وإلا بأن نكس وبدأ بغيره فعند أول فرض ( قوله : أي نية أدائه ) أي تأدية الفعل المفروض ( قوله : بالمعنى المتقدم ) أي وهو المنع المترتب أو الصفة المقدر قيامها بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية ، والأولى أن يراد بالحدث الوصف إذ لا معنى لقولنا استباحة ما منع منه المنع ( قوله : فتجوز الجمع إلخ ) فيجوز للشخص الشارع في الوضوء أن ينوي رفع الحدث وأداء الفرض واستباحة ما منعه الحدث من صلاة أو طواف أو مس مصحف ( قوله : للتنافي ) أي ; لأنه تناقض في ذات النية فكأنه قال نويت رفع الحدث نويت عدم رفعه أو نويت لا نويت ( قوله : : وإن مع تبرد ) أي هذا إذا كانت نية ما ذكر غير مصاحبة لنية تبرد بل وإن كانت نية ما ذكر مصاحبة لنية تبرد ومع هنا لمطلق المشاركة وإن كان الأصل [ ص: 94 ] دخولها على المتبوع ، وظاهره الإجزاء ولو كان ذلك الماء لا يتبرد به عادة كما لو نوى التبرد بماء ساخن وهو كذلك ( قوله : : لا تنافي الوضوء ولا تؤثر فيه خللا ) وذلك ; لأن غسل الأعضاء للوضوء يتضمن التبرد مثلا ، فإذا نواه لم يكن ذلك مضادا للوضوء ولا مؤثرا فيه خللا ( قوله : فجاز له فعله به ) أي فجاز له أن يفعل بذلك الوضوء ما نواه وأن يفعل غيره وهو ما أخرجه ، وإخراجه لغير ما نواه لا يضر ( قوله : ونوى غيره ) أي ونوى الوضوء من غيره وذلك لأن الأسباب إذا تعددت ناب أحدها عن الآخر ( قوله : هو الأول ) أي هو الذي حصل منه أولا ( قوله : وكذا إن لم يكن حصل منه إلا المنسي ) أي ونوى الوضوء من حدث لم يحصل منه من غيره ( قوله : بل ولو ذكره ) أي ونوى الوضوء من غيره ( قوله : : لا أخرجه ) عطف على محذوف أي أو نسي حدثا ولم يخرجه لا أخرجه ( قوله : أو نوى مطلق الطهارة الشاملة للحدث والخبث ) أي فلا يصح وضوءه ( قوله : أي من حيث تحققها في أحدهما لا بعينه ) أي أو من حيث تحققها فيهما معا أو من حيث تحققها في الخبث فالضرر في هذه الصور الثلاث كما قال شيخنا ( قوله : فالظاهر الإجزاء ) أي كما أنه إذا نوى مطلق الطهارة من حيث تحققها في الحدث ، فإنه يجزئ فالإجزاء في صورتين وعدمه في ثلاث بقي ما إذا نوى الطهارة من الحدث والخبث معا وفي المج إذا نواهما معا لنجاسة العضو ولم يضف الماء فيجزئ ( قوله : ندب الطهارة له ) أي ندب الوضوء له فالمراد بالطهارة الوضوء ( قوله : كقراءة قرآن ظاهرا ) أي بدون مصحف نعم إذا نوى بغسله قراءة القرآن ظاهرا أجزأه عن غسل الجنابة ; لأنه لا يجوز له أن يقرأ القرآن إلا بعد ارتفاع الجنابة و أولى منه إذا نوى بغسله قراءة القرآن في المصحف والحاصل أنه فرق بين الوضوء والغسل ففي الوضوء إذا نوى الوضوء لمس المصحف جاز له الصلاة به وإذا نوى الوضوء لقراءة القرآن ظاهرا فلا تصح الصلاة به لعدم ارتفاع حدوثه .

وأما في الغسل إذا نوى به قراءة القرآن ظاهرا أو في المصحف أجزأه عن غسل الجنابة ( قوله : فلا يرتفع حدثه ) أي ويحصل له ثواب كوضوء الجنب للنوم على ما رد به عب على ح وكل هذا إذا نوى إباحة الأمر الذي يندب له الوضوء من غير أن ينوي رفع الحدث ، وأما إذا نوى الطهارة ليزور مثلا غير محدث جاز له أن يصلي به كما أشار لذلك عب هنا وفي باب الغسل .




الخدمات العلمية