الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            مسألة : حديث : " من قرأ القرآن وأعربه كتب له بكل حرف عشر حسنات ، ومن قرأه ولحن فيه كتب له بكل حرف حسنة " هل هو صحيح ؟

            الجواب : هذا الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من طريق نعيم بن حماد ، عن أبي عصمة ، عن زيد العمي ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب مرفوعا : " من [ ص: 437 ] قرأ القرآن فأعربه كله فله بكل حرف أربعون حسنة ، فإن أعرب بعضه ولحن في بعضه فله بكل حرف عشرون حسنة ، وإن لم يعرب منه شيئا فله بكل حرف عشر حسنات " وهذا إسناد ضعيف من وجوه : أحدها أن سعيد بن المسيب لم يدرك عمر ، فهو منقطع . الثاني أن زيدا العمي ليس بالقوي . الثالث أن عصمة هو نوح بن أبي مريم الجامع الكذاب المعروف بالوضع ، والظاهر أن هذا الحديث مما صنعت يداه ، وقد ذكره الذهبي في ترجمته وعده من مناكيره ، وقد رواه الطبراني في الأوسط على كيفية أخرى مخالفة في السند والصحابي والمتن ، وهو دليل ضعف الحديث ونكارته واضطرابه ، فقال : حدثنا الفضل بن هارون ، ثنا إسماعيل بن هارون الترجماني ، ثنا عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عائشة مرفوعا : " من قرأ القرآن على أي حرف كان كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، ومن قرأه فأعرب بعضا ولحن بعضا كتب له عشرون حسنة ، ومحي عنه عشرون سيئة ، ورفع له عشرون درجة ، ومن قرأه وأعربه كله كتب له أربعون حسنة ومحي عنه أربعون سيئة ورفع له أربعون درجة " ، قال الطبراني : لم يروه عن عروة إلا زيد ، تفرد به ابنه ، وقد عرفت ضعف زيد ، وابنه متروك . وروى البيهقي في شعب الإيمان أيضا من طريق بقية بن الوليد ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا : " من قرأ القرآن فأعرب في قراءته كان له بكل حرف عشرون حسنة ، ومن قرأه بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات " وهذا الإسناد لا يصح أيضا ; فإن بقية مدلس وقد عنعنه . وروى الطبراني وأبو نعيم من حديث علي بن حرب ، عن عبد الرحمن بن يحيى ، عن مالك ، عن ابن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعا : " من قرأ القرآن فأعربه كانت له دعوة عند الله مستجابة ، إن شاء أعد له في الدنيا ، وإن شاء أخرها إلى يوم القيامة " وهو غريب أيضا . وروى الطبراني في الأوسط من طريق نهشل ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن أبي الأحوص ، عن ابن مسعود مرفوعا : " أعربوا القرآن ؛ فإنه من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ، وكفارة عشر سيئات ، ورفع عشر درجات " . ونهشل متروك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية