الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو أحمد ، ثنا أحمد بن موسى ، ثنا إسماعيل بن سعيد ، ثنا جرير ، عن أشعث العمي ، ويعقوب ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير قال : قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام : أينام ربك ؟ فقال موسى : اتقوا الله . قالوا : أيصلي ربك ؟ فقال موسى : اتقوا الله . فقالوا : فهل يصبغ ربك ؟ فقال موسى : اتقوا الله . فأوحى الله تعالى إليه : إن بني إسرائيل سألوك : أينام ربك ، فخذ زجاجتين فضعهما على كفيك ، ثم قم الليل . قال : ففعل موسى عليه السلام ، فلما ذهب من الليل نعس موسى عليه السلام فوقع لركبتيه ، فقام ، فلما أدبر الليل [ ص: 277 ] نعس موسى أيضا فوقع لركبتيه ، فوقعت الزجاجتان فانكسرتا ، فقال عز وجل : لو نمت لوقعت السماوات على الأرض ، ولهلك كل شيء كما هلكتا هاتان . قال أشعث عن جعفر ، عن سعيد : وفيه أنزلت : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) قال : وسألوك : أيصبغ ربك ؟ فأنا أصبغ الألوان كلها ؛ الأحمر والأبيض والأسود . وسألوك : أيصلي ربك ؟ فإني أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي ، فذلك صلاتي .

              حدثنا أبي ، ومحمد بن أحمد في جماعة ، قالوا : ثنا الحسن بن محمد ، ثنا محمد بن حميد ، ثنا يعقوب بن عبد الله أبو الحسن القمي ، ثنا جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ، فمر رجل من المسلمين على رجل من المنافقين ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنت جالس ؟ فقال : امض لعملك إن كان لك عمل . فقال : ما أظن إلا سيمر عليك من ينكر عليك . فمر عليه - عمر بن الخطاب ، فقال له : يا فلان ، إن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنت جالس ؟ فقال له مثلها . قال : هذا من عملي ، فوثب عليه فضربه حتى انبهر ، ثم دخل المسجد فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم قام له - عمر فقال : يا نبي الله ، مررت على فلان آنفا وأنت تصلي ، فقلت له : النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنت جالس ؟ فقال : مر إلى عملك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فهلا ضربت عنقه . فقام - عمر مسرعا ، فقال : ارجع فإن غضبك عز ورضاك حكم ، إن لله تعالى في السماوات السبع ملائكة يصلون له غنى عن صلاة فلان . قال - عمر : وما صلاتهم يا رسول الله ؟ قال : فلم يرد عليه شيئا ، فأتاه جبريل فقال : يا نبي الله ، سألك - عمر عن صلاة أهل السماء ؟ فقال : نعم ، فقال : اقرأ على - عمر السلام وأخبره أن أهل سماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة ، ويقولون : سبحان ذي الملك والملكوت ، وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة ، يقولون : سبحان ذي العزة والجبروت ، وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة ، يقولون : [ ص: 278 ] سبحان الحي الذي لا يموت .

              حدثنا أبي ، ومحمد بن أحمد ، قالا : ثنا الحسن بن محمد ، ثنا محمد بن حميد ، قال : ثنا يعقوب بن عبد الله ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قال : لما أهبط آدم إلى الأرض كان فيها نسر في البر ، وحوت في البحر ، ولم يكن في الأرض غيرهما ، فلما رأى النسر آدم وكان يأوي إلى الحوت ويبيت عنده كل ليلة ، قال : يا حوت ، لقد أهبط اليوم إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيديه . فقال له الحوت : لئن كنت صادقا فما لي في البحر منه ملجأ ، ولا لك في البر منه مهرب .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا الحسين المروزي ، ثنا الهيثم بن جميل ، ثنا يعقوب بن عبد الله ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير قال : بينما موسى عليه السلام جالس عند فرعون إذ نق ضفدع ، قال موسى عليه السلام : ماذا يصيبكم ؟ فقالوا : وما عسى أن يكون هذا ؟ وإذا قال ، فأرسل عليهم الضفادع ، قال : فإن كان الرجل منهم ليلبس ثوبه فيجده ممتلئا ضفادع ، وأرسل عليهم الدم ، فإن كان الرجل ليستقي من بئره ونهره ، فإذا صار في جرته صار دما غبيطا ، فقالوا : يا موسى ، ادع لنا ربك أن يكشف عنا ونحن نؤمن بك . فدعا الله فكشفه عنهم ، فلم يؤمنوا ، قال : فكان فرعون أوفاهم ، قال لبني إسرائيل : اذهبوا معه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا الوليد بن أبان ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا عامر ، ثنا يعقوب نحوه ، وزاد : فكان الرجل منهم لا يستطيع الكلام حتى تثب الضفدع في فيه .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، قال : ثنا الهيثم بن جميل ، ثنا يعقوب ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان الله سبحانه يبعث ملك الموت إلى الأنبياء عيانا ، فبعثه إلى إبراهيم عليه السلام ليقبضه ، فدخل دار إبراهيم عليه السلام في صورة رجل شاب جميل الوجه ، وكان إبراهيم عليه السلام رجلا غيورا ، فلما دخل عليه حملته الغيرة على [ ص: 279 ] أن قال له : يا عبد الله ، من أدخلك داري ؟ قال : أدخلنيها ربها . فعرف إبراهيم عليه السلام أن هذا الأمر حدث . قال : يا إبراهيم ، إني أمرت بقبض روحك . فقال : أمهلني يا ملك الموت حتى يدخل إسحاق . فأمهله ، فلما دخل إسحاق قام إليه فاعتنق كل واحد منهما صاحبه ، فرق لهما ملك الموت ، فرجع إلى ربه عز وجل فقال : يا رب ، خليلك جزع من الموت . قال : يا ملك الموت ، فأت خليلي في منامه فاقبضه . قال : فأتاه في منامه فقبضه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية