الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا محمد بن أحمد المؤذن ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا حبان بن هلال ، ثنا سعيد ، حدثني من سمع وهب بن منبه يقول : كان ملك من ملوك الأرض أراد أن يركب إلى أرض ، فدعا بثياب يلبسها فجيء بثياب فلم تعجبه ، فقال : ائتوني بثياب كذا وكذا حتى عد أصنافا من الثياب ، كل ذلك لا يعجبه حتى جيء بثياب وافقته فلبسها ، ثم قال : جيئوني بدابة كذا فجيء بها فلم تعجبه ، ثم قال : جيئوني بدابة كذا فجيء بها فلم تعجبه ، حتى جيء بدابة وافقته فركبها ، فلما ركبها جاء إبليس فنفخ في منخره نفخة فعلاه كبرا ، قال وسار وسارت الخيول معه ، قال فهو رافع رأسه لا ينظر إلى الناس كبرا وعظما ، فجاءه رجل ضعيف رث الهيئة فسلم عليه فلم يرد عليه السلام ، ولم ينظر إليه ، فقال له إنه لي إليك حاجة ، فلم يسمع كلامه ، قال فجاء حتى أخذ بلجام دابته ، فقال : أرسل لجام دابتي ، فقد تعاطيت مني أمرا لم يتعاطه مني أحد ، قال : إن لي إليك حاجة ، قال : انزل فتلقاني ، قال : لا ، الآن ، قال : فقهره على لجام دابته ، فلما رأى أنه قد قهره ، قال : حاجتك ؟ قال : إنها سر أريد أن أسرها إليك ، قال فأدنى رأسه إليه فساره ، قال : أنا ملك الموت ، قال : فانقطع وتغير لونه واضطرب لسانه ، ثم قال : دعني حتى آتي أرضي هذه التي خرجت إليها ، وأرجع من موكبي ، ثم تمضي في أمرك ، قال والله لا ترى أرضك أبدا ، ولا والله لا ترجع من موكبك هذا أبدا ، قال دعني حتى أرجع إلى أهلي فأقضي حاجة إن كانت ، قال : لا والله لا ترى أهلك وثقلك أبدا ، قال فقبض روحه مكانه فخر كأنه خشبة .

              قال الجريري : وبلغني أيضا أنه لقي عبدا مؤمنا في تلك الحال فسلم عليه فرد عليه السلام فقال : إن لي إليك حاجة . قال : هلم فاذكر حاجتك ، قال : إنها سر فيما بيني وبينك ، قال فأدنى إليه رأسه ليساره بحاجته ، فساره فقال : أنا ملك الموت ، قال : مرحبا وأهلا ، مرحبا بمن طالت غيبته علي ، فوالله ما كان في الأرض غائب أحب إلي أن ألقاه منك ، قال : فقال له ملك الموت : اقض حاجتك [ ص: 203 ] التي خرجت لها قال : ما لي حاجة أكبر عندي ولا أحب إلي من لقاء الله ، قال : فاختر على أي شيء أقبض روحك قال : وتقدر على ذلك ؟ قال : نعم أمرت بذلك ؟ قال : نعم إذا ! فقام وتوضأ ثم ركع وسجد فلما رآه ساجدا قبض روحه .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عمر بن بحر الأسدي ، قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري ، يقول : عن الجريري ، قال : بينا داود عليه السلام على باب مجلسه جالس ، ومعه جليس له من بني إسرائيل ، إذ مر به رجل فاستطال عليه ، فغضب جليسه الإسرائيلي ، فقال له داود عليه السلام : لا تغضب فإني قد علمت أني قد أحدثت بيني وبين ربي حدثا ، فسلط علي هذا فدعني حتى أدخل وأتنصل إلى ربي من الحدث الذي كان مني حتى يعود هذا فيقبل أسفل قدمي ، قال : فدخل وتوضأ وصلى ركعتين واعتذر إلى ربه عز وجل من الحدث الذي منه ، ثم عاد إلى مجلسه وعاد الرجل نادما ، فانكب يقبل رجل داود عليه السلام وقال : يا نبي الله اغفر لي ، فقال داود عليه السلام : اذهب فقد علمت من أين أتيت .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسين بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن الحارث ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، ثنا الجريري ، قال : بلغنا أن داود عليه السلام سأل جبريل عليه السلام أي الليل أفضل ؟ فقال : ما أدري إلا أن العرش يهتز من السحر .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية