الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن عبد الله القرشي ، عن عبد الله بن عكيم ، قال : خطبنا أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فقال : أما بعد ، فإني أوصيكم بتقوى الله ، وأن تثنوا عليه بما هو له أهل ، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة ، وتجمعوا الإلحاف بالمسألة ، فإن الله تعالى أثنى على زكريا وعلى أهل بيته ، فقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) ، ثم اعلموا عباد الله أن الله تعالى قد ارتهن بحقه أنفسكم ، وأخذ على ذلك مواثيقكم ، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ، وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، ولا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله ، وانتصحوا كتابه ، واستبصروا فيه ليوم الظلمة ، فإنما خلقكم للعبادة ، ووكل بكم الكرام الكاتبين ، يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا ، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم ، فيردكم إلى أسوأ أعمالكم ، فإن أقواما جعلوا آجالهم لغيرهم ، ونسوا أنفسهم ، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، الوحا الوحا ، النجا النجا ، إن وراءكم طالبا حثيثا ، أمره سريع .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ، ثنا أزهر بن عمير وكان بالثغر قال : حدثني أبو الهذيل ، عن عمرو بن دينار ، قال : خطب أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فقال : أوصيكم بالله لفقركم وفاقتكم أن تتقوه ، وأن تثنوا عليه بما هو أهله ، وأن تستغفروه إنه كان غفارا . فذكر نحو حديث عبد الله بن عكيم ، وزاد : واعلموا أنكم ما أخلصتم لله عز وجل فربكم أطعتم ، وحقكم حفظتم ، فأعطوا ضرائبكم في أيام سلفكم ، واجعلوها نوافل بين أيديكم ، تستوفوا سلفكم حين فقركم وحاجتكم ، ثم تفكروا عباد الله فيمن كان قبلكم أين كانوا أمس ، وأين هم اليوم . أين الملوك الذين كانوا أثاروا الأرض [ ص: 36 ] وعمروها ؟ قد نسوا ونسي ذكرهم ، فهم اليوم كلا شيء : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) وهم في ظلمات القبور : ( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) وأين من تعرفون من أصحابكم وإخوانكم ؟ قد وردوا على ما قدموا ، فحلوا الشقوة والسعادة ، إن الله تعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب يعطيه به خيرا . ولا يصرف عنه سوءا ، إلا بطاعته واتباع أمره ، وأنه لا خير بخير بعده النار ، ولا شر بشر بعده الجنة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة قال : ثنا أبو المغيرة ، ثنا حريز بن عثمان ، عن نعيم بن نمحة ، قال : كان في خطبة أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - : أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون في أجل معلوم . فذكر نحو حديث عبد الله بن عكيم ، وزاد : ولا خير في قول لا يراد به وجه الله تعالى ، ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله عز وجل ، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية