الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا محمد ، ثنا عبد الله ، ثنا أبو حاتم ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا الوليد بن عتبة قال : قلت لأبي صفوان بن عوانة : لأي شيء يحب الرجل أخاه ؟ قال : " لأنه رآه يحسن خدمة ربه " .

              حدثنا محمد ، ثنا عبد الله ، ثنا أبو حاتم ، ثنا أحمد قال : " قلت لراهب : أي شيء أقوى ما تجدونه في كتبكم ؟ قال : ما نجد شيئا أقوى من أن تجعل حيلك وقوتك كلها في محبة الخالق " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد ، ثنا أبو علي بن الحسين بن عبد الله بن شاكر السمرقندي ، ثنا أبو الحسن أحمد بن أبي الحواري وسمعته يقول : " انقطع إلى الله وكن عابدا زاهدا صادقا متوكلا مستقيما عارفا ذاكرا مؤنسا مستحيا خائفا راجيا راضيا ، وعلامة الرضا أن لا يختار شيئا إلا ما يختاره له مولاه ، فإذا كان ذلك كذلك كان له من الله عون حتى يرده إلى طاعته ظاهرا وباطنا ، ولا يكون العبد تائبا حتى يندم بالقلب ويستغفر باللسان ويرد المظالم فيما بينه وبين الناس ، ويجتهد في العبادة ، ثم يتشعب له من التوبة والاجتهاد الزهد ، ثم يتشعب له من الزهد الصدق ، ثم يتشعب له من الصدق التوكل ، ثم يتشعب له من التوكل الاستقامة ، ثم يتشعب له من الاستقامة المعرفة ، ثم يتشعب له من المعرفة الذكر ، ثم يتشعب له من الذكر الحلاوة والتلذذ ، ثم بعد التلذذ الأنس ، ثم بعد الأنس بالله الحياء ، ثم بعد الحياء الخوف ، وعلامة الخوف الاستعداد والتحويل من هذه الأحوال لا يفارق خوف تحويل هذه الأحوال من قلبه دون لقائه " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد ، ثنا أبو علي بن الحسين بن عبد الله بن شاكر السمرقندي ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت عبد العزيز يقول : " إنه تبارك وتعالى إن لم يكن رزق أهل طاعته أصواتا حسانا فقد فتح لهم من لذة طاعته [ ص: 9 ] ما يتنعمون بأصواتهم قال : وسمعت عبد العزيز يقول : الموت حسن يوصل منه الحبيب إلى المحبوب " .

              قال : وحدثنا أحمد ، ثنا شعيب بن أحمد القرشي ، عن دكين الفزاري قال : " لما أراد الله تعالى قبض إبراهيم عليه السلام هبط إليه ملك الموت فقال له إبراهيم : رأيت خليلا يقبض روح خليله ؟ قال : فعرج ملك الموت إلى ربه ، ثم عاد إليه فقال له : يا إبراهيم ، ورأيت خليلا يكره لقاء خليله ؟ قال : فاقبض روحي الساعة " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا الحسين ، ثنا أحمد قال : سمعت عبد الله الحذاء يقول : " قال يوسف عليه السلام : اللهم إني أتوجه إليك بصلاح آبائي : إبراهيم خليلك وإسحاق ذبيحك ويعقوب إسرائيلك ، فأوحى الله تعالى إليه : يا يوسف ، تتوجه بنعمة أنا أنعمتها عليهم " ؟ قال أحمد : فقلت لأبي سليمان : كنت لبعض الأولياء قبل اليوم أشد حبا ، فقال لي : إنما يتقرب إليه بحب أوليائه أولا ثم يأتي بعد منزلة تشغل القلب ، قال أحمد : وسمعت أبا سليمان يقول : خرج عيسى ويحيى عليهما السلام يمشيان فصدم يحيى امرأة فقال له عيسى : يا ابن خالة ، لقد أصبت اليوم خطيئة ، ما أرى الله يغفرها لك أبدا ، قال : وما هي يا ابن خالة ؟ قال : امرأة صدمتها ، قال : والله ما شعرت بها ، قال : سبحان الله بدنك معي فأين روحك ؟ قال : معلق بالعرش ، ولو أن قلبي اطمأن إلى جبريل لظننت أني ما عرفت الله طرفة عين " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا الحسين ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أخي محمدا قال : " تعبد رجل من بني إسرائيل في غيضة من جزيرة البحر أربعمائة سنة حتى طال شعره ، حتى إذا مر بالغيضة تعلق بعض أغصان الغيضة بشعره ، فبينما هو ذات يوم يدور إذا هو بشجرة منها ، فيها وكر طير فحول موضع مصلاه إلى قريب منها قال : فقيل له : استأنست بغيري وعزتي لأحطنك مما كنت فيه درجتين " .

              حدثنا أبو محمد بن حيان - إملاء - ثنا إسحاق بن أبي حسان ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا أبو المغلس ، ثنا أبو عبيد الله الجهني قال : " نعيم أهل الجنة [ ص: 10 ] برضوان الله أفضل من نعيمهم بالجنان " .

              حدثنا أبو محمد - إملاء - ثنا إسحاق ، ثنا أحمد قال : ناظرت أبا سليمان في الحديث الذي جاء : أول زمرة يحشر إلى الجنة الحمادون الله على كل حال ، فقال لي : " ويحك ليس هو أن تحمده على المصيبة وقلبك معتصر عليها ، فإذا كنت كذلك فأرجو أن تكون من الصابرين ، ولكن أن تحمده وقلبك مسلم راض " .

              حدثنا أبو أحمد - إملاء - ثنا إسحاق ، ثنا أحمد قال : سمعت محمودا يقول : " سبحان من لا يمنعه عظيم سلطانه أن ينظر في صغير سلطانه " .

              حدثنا أبو محمد - إملاء - ثنا إسحاق ، ثنا أحمد ، حدثني عبد الخالق بن جبير قال : سمعت أبا موسى الطرسوسي يقول : " ما تفرغ عبد لله ساعة إلا نظر الله إليه بالرحمة " .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا إبراهيم بن نائلة ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت مضاء بن عيسى ، يسأل سباعا الموصلي إلى أي شيء انتهى بهم الزهد ؟ قال : " إلى الأنس به " .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا إبراهيم بن نائلة ، ثنا أحمد قال : سمعت مضاء بن عيسى يقول : " إذا وصلوا إليه لم يرجعوا عنه إنما رجع من رجع من الطريق " .

              حدثنا أحمد ، ثنا إبراهيم ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا محمد بن ثابت القاري قال : " من كانت همته في أداء الفرائض لم يكمل له في الدنيا لذة " .

              حدثنا أحمد ، ثنا إبراهيم ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا أبو الموفق الأزدي قال : " قال الله تعالى : لو أن ابن آدم لم يرج غيري ما وكلته إلى غيري ، ولو أن ابن آدم لم يخف غيري ما أخفته من غيري " .

              حدثنا أحمد ، ثنا إبراهيم ، ثنا أحمد قال : سمعت عبد العزيز بن عمير يقول : " في القلوب قلب مريض ، فإذا وجد بغيته طار " .

              حدثنا أحمد ، ثنا إبراهيم ، ثنا أحمد ، ثنا زيدان قال : قال عتبة الغلام : " كابدت الصلاة عشرين سنة ، وتنعمت بها عشرين سنة " .

              [ ص: 11 ] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا الحسين بن عبد الله ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت محمد بن تمام يقول : " الكلام جند من جنود الله ، ومثله مثل الطين تضرب به الحائط ، فإن استمسك نفع ، وإن وقع أثر . قال : وسمعت أبا جعفر يقول : القلب بمنزلة القمع يصب فيه الزيت أو العسل فيخرج منه ويبقى فيه لطاخته " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا الحسن ، ثنا أحمد قال : سمعت مضاء بن عيسى يقول : " خف الله يلهمك ، واعمل له لا يلجئك إلى دليل " .

              حدثنا عبد الله بن محمد - إملاء وقراءة - ثنا عمر بن بحر الأسدي قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول : " بينا أنا ذات يوم في بلاد الشام في قبة من قباب المقابر ليس عليها باب إلا كساء قد أسبلته ، فإذا أنا بامرأة تدق على الحائط فقلت : من هذا ؟ قالت : امرأة ضالة ، دلني على الطريق رحمك الله قلت : رحمك الله ، على أي الطريق تسألين ؟ فبكت ، ثم قالت : يا أحمد ، على طريق النجاة قلت : هيهات إن بيننا وبين طريق النجاة عقابا ، وتلك العقاب لا تقطع إلا بالسير الحثيث ، وتصحيح المعاملة ، وحذف العلائق الشاغلة عن أمر الدنيا والآخرة ، قال : فبكت بكاء شديدا ، ثم قالت : يا أحمد ، سبحان من أمسك عليك جوارحك فلم تتقطع وحفظ عليك فؤادك فلم يتصدع ، ثم خرت مغشيا عليها ، فقلت لبعض النساء : انظري أي شيء حال هذه الجارية ؟ قال أحمد : فقمن إليها ففتشنها ، فإذا وصيتها في جيبها : كفنوني في أثوابي هذه ، فإن كان لي عند الله خير فهو أسعد لي ، وإن كان غير ذلك فبعدا لنفسي ، قلت : ما هي ؟ فحركوها فإذا هي ميتة ، فقلت للخدم : لمن هذه الجارية ؟ قالوا : جارية قرشية مصابة ، وكان الذي معها يمنعها من الطعام ، وكانت تشكو إلينا وجعا بجوفها فكنا نصفها لمتطببي الشام ، فكانت تقول : خلوا بيني وبين الطبيب الراهب - تعني أحمد - أشكو إليه بعض ما أجد من بلائي لعله أن يكون عنده شفائي " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية