الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث ، ثنا الفضل بن الحباب الجمحي ، ثنا مسدد ، ثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن محمد بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، قال : كنت بالكوفة في دار الإمارة دار علي بن أبي طالب ، إذ دخل علينا نوف بن عبد الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بالباب أربعون رجلا من اليهود ، فقال علي : علي بهم . فلما وقفوا بين يديه قالوا له : يا علي ، صف لنا ربك هذا الذي في السماء كيف هو ؟ وكيف كان ؟ ومتى كان ؟ وعلى أي شيء هو ؟ فاستوى علي جالسا وقال : معشر اليهود ، اسمعوا مني ولا تبالوا أن لا تسألوا أحدا غيري ، إن ربي عز وجل هو الأول لم يبد مما ، ولا ممازج معما ، ولا حال وهما ، ولا شبح يتقصى ، ولا محجوب فيحوى ، ولا كان بعد أن لم يكن فيقال حادث ، بل جل أن يكيف المكيف للأشياء كيف كان ، بل لم يزل ولا يزول لاختلاف الأزمان ، ولا لتقلب شأن بعد شأن ، وكيف يوصف [ ص: 73 ] بالأشباح ، وكيف ينعت بالألسن الفصاح ، من لم يكن في الأشياء فيقال بائن ، ولم يبن عنها فيقال كائن ، بل هو بلا كيفية ، وهو أقرب من حبل الوريد ، وأبعد في الشبه من كل بعيد ، لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة ، ولا كرور لفظة ، ولا ازدلاف رقوة ، ولا انبساط خطوة ، في غسق ليل داج ولا إدلاج ، لا يتغشى عليه القمر المنير ، ولا انبساط الشمس ذات النور بضوئها في الكرور ، ولا إقبال ليل مقبل ، ولا إدبار نهار مدبر ، إلا وهو محيط بما يريد من تكوينه ، فهو العالم بكل مكان وكل حين وآوان ، وكل نهاية ومدة ، والأمد إلى الخلق مضروب ، والحد إلى غيره منسوب ، لم يخلق الأشياء من أصول أولية ، ولا بأوائل كانت قبله بدية ، بل خلق ما خلق فأقام خلقه ، وصور ما صور فأحسن صورته ، توحد في علوه ، فليس لشيء منه امتناع ، ولا له بطاعة شيء من خلقه انتفاع ، إجابته للداعين سريعة ، والملائكة في السماوات والأرضين له مطيعة ، علمه بالأموات البائدين كعلمه بالأحياء المتقلبين ، وعلمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرض السفلى وعلمه بكل شيء ، لا تحيره الأصوات ، ولا تشغله اللغات ، سميع للأصوات المختلفة ، بلا جوارح له مؤتلفة ، مدبر بصير ، عالم بالأمور ، حي قيوم ، سبحانه كلم موسى تكليما بلا جوارح ولا أدوات ، ولا شفة ولا لهوات ، سبحانه وتعالى عن تكييف الصفات ، من يزعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود ، ومن ذكر أن الأماكن به تحيط ، لزمته الحيرة والتخليط ، بل هو المحيط بكل مكان ، فإن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف الرحمن ، بخلاف التنزيل والبرهان ، فصف لي جبريل وميكائيل وإسرافيل ، هيهات ، أتعجز عن صفة مخلوق مثلك وتصف الخالق المعبود ، وأنت تدرك صفة رب الهيئة والأدوات ، فكيف من لم تأخذه سنة ولا نوم ؟ له ما في الأرضين والسماوات وما بينهما وهو رب العرش العظيم . هذا حديث غريب من حديث النعمان ، كذا رواه ابن إسحاق عنه مرسلا .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا إبراهيم [ ص: 74 ] بن محمد بن الحارث ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا الفرج يقول : قال علي بن أبي طالب : ما يسرني لو مت طفلا وأدخلت الجنة ولم أكبر فأعرف ربي عز وجل .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا ضرار بن صرد ، ثنا علي بن هاشم بن البريد ، عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع ، عن عمر بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي قال : أنصح الناس وأعلمهم بالله أشد الناس حبا وتعظيما لحرمة أهل لا إله إلا الله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية