الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه ، ثنا أحمد بن محمد بن عاصم ، ثنا سعيد بن كثير بن يحيى ، حدثني أبي كثير بن يحيى ، قال : قدم سليمان بن عبد الملك المدينة وعمر بن عبد العزيز عامله عليها ، قال : فصلى بالناس الظهر ثم فتح باب المقصورة واستند إلى المحراب واستقبل الناس بوجهه ، فنظر إلى صفوان بن سليم ، عن غير معرفة ، فقال : يا عمر من هذا الرجل ما رأيت سمتا أحسن منه ؟ قال :يا أمير المؤمنين هذا صفوان بن سليم ، قال : يا غلام كيس فيه خمسمائة دينار ، فأتى بكيس فيه خمسمائة دينار ، فقال لخادمه : ترى هذا الرجل القائم يصلي ، فوصفه للغلام حتى أثبته ، قال : فخرج الغلام بالكيس حتى جلس [ ص: 161 ] إلى صفوان ، فلما نظر إليه صفوان ركع وسجد ثم سلم فأقبل عليه ، فقال : ما حاجتك ؟ قال : أمرني أمير المؤمنين - وهو ذا ينظر إليك - إلى أن أدفع إليك هذا الكيس فيه خمسمائة دينار ، ،وهو يقول : استعن بهذه على زمانك وعلى عيالك ، فقال صفوان للغلام : ليس أنا بالذي أرسلت إليه ، فقال له الغلام : ألست صفوان بن سليم ؟ قال : بلى ، أنا صفوان بن سليم ، قال : وإليك أرسلت ، قال : اذهب فاستثبت فإذا استثبت فهلم ، فقال الغلام : فامسك الكيس معك وأذهب ، قال : لا ، إن أمسكت فقد أخذت ، ولكن اذهب فاستثبت وأنا ههنا جالس ، فولى الغلام وأخذ صفوان نعليه وخرج ، فلم ير بها حتى خرج سليمان من المدينة .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا أبو العباس السراج ، ثنا إسماعيل بن إسحاق ، ثنا علي بن عبد الله ، ثنا سليمان ، قال : جاء رجل من أهل الشام فقال : دلوني على صفوان بن سليم فإني رأيته دخل الجنة ، قيل له : بأي شيء ؟ قال : بقميص كساه إنسانا ، فسأل بعض إخوان صفوان صفوان عن قصة القميص ، فقال : خرجت من المسجد في ليلة باردة وإذا برجل عار فنزعت قميصي فكسوته .

              حدثنا أبو حامد ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا إسماعيل بن علي ، ثنا علي بن عبد الله ، ثنا سفيان ، قال : سألت إنسانا مدنيا بمنى ، فقلت : دلني على صفوان بن سليم ، فقال : إذا صليت المغرب فانظر أمام المنارة فإنك تجده جالسا ، قلت : فصفه لي ، قال : إذا رأيته عرفته بالتخشع ، فنظرت بين يدي المنارة فإذا شيخ فجئت فجلست إلى جنبه ، فقلت : يا شيخ أنت من أهل المدينة ؟ قال : نعم ، فقلت : لا أسأله الليلة عن اسمه هو هو ، فجلست إليه ولم أسأله عن اسمه .

              حدثنا الحسين بن غيلان ، ثنا جعفر الفريابي ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن صفوان ، قال : ما نهض ملك من الأرض حتى يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله .

              حدثنا الحسن بن سلام ، ثنا جعفر ، ثنا عبيد بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا محمد بن عمرو ، عن صفوان ، قال : كان أبو مسلم الخولاني يقول : كان الناس ورقا [ ص: 162 ] لا شوك فيه ، وأنتم اليوم شوك لا ورق فيه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية