الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            النكتة الخامسة عشرة : أدخل الألف واللام في الشيطان ليكون تعريفا للجنس ؛ لأن الشياطين كثيرة مرئية وغير مرئية ، بل المرئي ربما كان أشد ، حكي عن بعض المذكرين أنه قال في مجلسه : إن الرجل إذا أراد أن يتصدق فإنه يأتيه سبعون شيطانا فيتعلقون بيديه ورجليه وقلبه ويمنعونه من الصدقة ، فلما سمع بعض القوم ذلك فقال : إني أقاتل هؤلاء السبعين ، وخرج من المسجد وأتى المنزل وملأ ذيله من الحنطة وأراد أن يخرج ويتصدق به فوثبت زوجته وجعلت تنازعه وتحاربه حتى أخرجت ذلك من ذيله ، فرجع الرجل خائبا إلى المسجد فقال المذكر : ماذا عملت ؟ فقال : هزمت السبعين فجاءت أمهم فهزمتني . وأما إن جعلنا الألف [ ص: 85 ] واللام للعهد فهو أيضا جائز ؛ لأن جميع المعاصي برضى هذا الشيطان ، والراضي يجري مجرى الفاعل له ، وإذا استبعدت ذلك فاعرفه بالمسألة الشرعية ، فإن عند أبي حنيفة قراءة الإمام قراءة للمقتدي من حيث رضي بها وسكت خلفه .

                                                                                                                                                                                                                                            النكتة السادسة عشرة : الشيطان مأخوذ من " شطن " إذا بعد فحكم عليه بكونه بعيدا ، وأما المطيع فقريب قال الله تعالى : ( واسجد واقترب ) [ العلق : 19 ] والله قريب منك قال الله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] وأما الرجيم فهو المرجوم بمعنى كونه مرميا بسهم اللعن والشقاوة وأما أنت فموصول بحبل السعادة قال الله تعالى : ( وألزمهم كلمة التقوى ) [ الفتح : 26 ] فدل هذا على أنه جعل الشيطان بعيدا مرجوما ، وجعلك قريبا موصولا ، ثم إنه تعالى أخبر أنه لا يجعل الشيطان الذي هو بعيد قريبا ؛ لأنه تعالى قال : ( ولن تجد لسنة الله تحويلا ) [ فاطر : 43 ] فاعرف أنه لما جعلك قريبا فإنه لا يطردك ولا يبعدك عن فضله ورحمته .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية