الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية في دلائل مثبتي القول بالصفات : اعلم أنه ثبت أن إله العالم يجب أن يكون عالما قادرا حيا ، فنقول يمتنع أن يكون علمه وقدرته نفس تلك الذات ، ويدل عليه وجوه .

                                                                                                                                                                                                                                            ( الأول ) أنا ندرك تفرقة ضرورية بديهية بين قولنا : ذات الله ذات ، وبين قولنا : ذات الله عالمة قادرة وذلك يدل على أن كونه عالما قادرا ليس نفس تلك الذات .

                                                                                                                                                                                                                                            ( الثاني ) أنه يمكن العلم بكونه موجودا مع الذهول عن كونه قادرا وعالما ، وكذلك يمكن أن يعلم كونه قادرا مع الذهول عن كونه عالما ، وبالعكس وذلك يدل على أنه كونه عالما قادرا ليس نفس تلك الذات .

                                                                                                                                                                                                                                            ( الثالث ) أن كونه عالما عام التعلق بالنسبة إلى الواجب والممتنع والممكن وكونه قادرا ليس عام التعلق [ ص: 114 ] بالنسبة إلى الأقسام الثلاثة ، بل هو مختص بالجائز فقط ، ولولا الفرق بين العلم وبين القدرة وإلا لما كان كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            ( الرابع ) أن كونه تعالى قادرا يؤثر في وجود المقدور ، وكونه عالما لا يؤثر ، ولولا المغايرة وإلا لما كان كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            ( الخامس ) أن قولنا : موجود ، يناقضه قولنا : ليس بموجود ، ولا يناقضه قولنا : ليس بعالم ، وذلك يدل على أن المنفي بقولنا : ليس بموجود مغاير للمنفي بقولنا : ليس بعالم ، وكذا القول في كونه قادرا .

                                                                                                                                                                                                                                            فهذه دلائل واضحة على أنه لا بد من الإقرار بوجود الصفات لله تعالى ، إلا أنه بقي أن يقال : لم لا يجوز أن تكون هذه الصفات صفات نسبية وإضافية فالمعنى من " كونه قادرا " كونه بحيث يصح منه الإيجاد ، وتلك الصحة معللة بذاته ، و " كونه عالما " معناه الشعور والإدراك ، وذلك حالة نسبية إضافية ، وتلك النسبية الحاصلة معللة بذاته المخصوصة ، وهذا تمام الكلام في هذا الباب .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية