الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة التاسعة : اتفقوا على أن دية الخطأ مخففة في ثلاث سنين : الثلث في السنة ، والثلثان في السنتين ، والكل في ثلاث سنين . استفاض ذلك عن عمر ولم يخالفه فيه أحد من السلف فكان إجماعا .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة العاشرة : لا فرق في هذه الدية بين أن يقضى منها الدين وتنفذ منها الوصية ، ويقسم الباقي بين الورثة على فرائض الله تعالى . روي أن امرأة جاءت تطلب نصيبها من دية الزوج فقال عمر : لا أعلم لك شيئا ، إنما الدية للعصبة الذين يعقلون عنه ، فشهد بعض من الصحابة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يورث الزوجة من دية زوجها ، فقضى عمر بذلك ، وإذ قد ذكرنا هذه المسائل فلنرجع إلى تفسير الآية فنقول : قوله : ( فتحرير رقبة مؤمنة ) معناه فعليه تحرير رقبة ، والتحرير عبارة عن جعله حرا ، والحر هو الخالص ، ولما كان الإنسان في [ ص: 186 ] أصل الخلقة خلق ليكون مالكا للأشياء كما قال تعالى : ( خلق لكم ما في الأرض جميعا ) [ البقرة : 29 ] فكونه مملوكا يكون صفة تكدر مقتضى الإنسانية وتشوشها ، فلا جرم سميت إزالة الملك تحريرا ، أي تخليصا لذلك الإنسان عما يكدر إنسانيته ، والرقبة عبارة عن النسمة كما قد يجعل الرأس أيضا عبارة عن نسمة في قولهم : فلان يملك كذا رأسا من الرقيق ، والمراد برقبة مؤمنة كل رقبة كانت على حكم الإسلام عند الفقهاء ، وعند ابن عباس لا تجزي إلا رقبة قد صلت وصامت ، وقد ذكرنا هذه المسألة . وقوله : ( ودية مسلمة إلى أهله ) قال الواحدي : الدية من الودي كالشية من الوشي ، والأصل ودية فحذفت الواو يقال : ودى فلان فلانا ، أي أدى ديته إلى وليه ، ثم إن الشرع خصص هذا اللفظ بما يؤدى في بدل النفس دون ما يؤدى في بدل المتلفات ، ودون ما يؤدى في بدل الأطراف والأعضاء .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية