الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وهو في الآخرة من الخاسرين يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قوله تعالى : ( وهو في الآخرة من الخاسرين ) مشروط بشرط غير مذكور في الآية ، وهو أن يموت على ذلك الكفر ؛ إذ لو تاب عن الكفر لم يكن في الآخرة من الخاسرين ، والدليل على أنه لا بد من هذا الشرط قوله تعالى : ( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ) [البقرة : 217] الآية .

                                                                                                                                                                                                                                            ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى افتتح السورة بقوله : ( ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) وذلك لأنه حصل بين الرب وبين العبد عهد الربوبية وعهد العبودية ، فقوله : ( أوفوا بالعقود ) طلب تعالى من عباده أن يفوا بعهد العبودية ، فكأنه قيل : إلهنا العهد نوعان : عهد الربوبية منك ، وعهد العبودية منا ، فأنت أولى بأن تقدم الوفاء بعهد الربوبية والإحسان . فقال تعالى : نعم أنا أوفي أولا بعهد الربوبية والكرم ، ومعلوم أن منافع الدنيا محصورة في نوعين : لذات المطعم ، ولذات المنكح ، فاستقصى سبحانه في بيان ما يحل ويحرم من المطاعم والمناكح ، ولما كانت الحاجة إلى المطعوم فوق الحاجة إلى المنكوح ، لا جرم قدم بيان المطعوم على المنكوح ، وعند تمام هذا البيان كأنه يقول : قد وفيت بعهد الربوبية فيما يطلب في الدنيا من المنافع واللذات ، فاشتغل أنت في الدنيا بالوفاء بعهد العبودية ، ولما كان أعظم الطاعات بعد الإيمان الصلاة ، وكانت الصلاة لا يمكن إقامتها إلا بالطهارة ، لا جرم بدأ تعالى بذكر شرائط الوضوء فقال : ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ) وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية