الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين )

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 15 ] قوله تعالى : ( إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما زيف فيما تقدم طريقة عبدة الأوثان والأصنام ، وبين فساد مذهبهم بالدلائل القاهرة قال : ( إلهكم إله واحد ) ثم ذكر تعالى ما لأجله أصر الكفار على القول بالشرك وإنكار التوحيد فقال : ( فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) والمعنى : أن الذين يؤمنون بالآخرة ويرغبون في الفوز بالثواب الدائم ، ويخافون الوقوع في العقاب الدائم إذا سمعوا الدلائل والترغيب والترهيب خافوا العقاب فتأملوا وتفكروا فيما يسمعونه ، فلا جرم ينتفعون بسماع الدلائل ، ويرجعون من الباطل إلى الحق ، أما الذين لا يؤمنون بالآخرة وينكرونها فإنهم لا يرغبون في حصول الثواب ولا يرهبون من الوقوع في العقاب ، فيبقون منكرين لكل كلام يخالف قولهم ، ويستكبرون عن الرجوع إلى قول غيرهم ، فلا جرم يبقون مصرين على ما كانوا عليه من الجهل والضلال .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ) والمعنى : أنه تعالى يعلم أن إصرارهم على هذه المذاهب الفاسدة ليس لأجل شبهة تصوروها أو إشكال تخيلوه ، بل ذلك لأجل التقليد والنفرة عن الرجوع إلى الحق والشغف بنصرة مذاهب الأسلاف والتكبر والنخوة . فلهذا قال : ( إنه لا يحب المستكبرين ) وهذا الوعيد يتناول كل المتكبرين .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية