الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            الصفة الثانية للسعير : قوله تعالى : ( وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا ) واعلم أن الله سبحانه لما وصف حال الكفار حينما يكونون بالبعد من جهنم ، وصف حالهم عندما يلقون فيها ، نعوذ بالله منه بما لا شيء أبلغ منه ، وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في ( ضيقا ) قراءتان ؛ التشديد ، والتخفيف وهو قراءة ابن كثير .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : نقل في تفسير الضيق أمور ، قال قتادة : ذكر لنا عبد الله بن عمر قال : " إن جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج على الرمح " . وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : والذي نفسي بيده إنهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط ، قال الكلبي : الأسفلون يرفعهم اللهيب ، والأعلون يخفضهم الداخلون [ ص: 50 ] فيزدحمون في تلك الأبواب الضيقة . قال صاحب "الكشاف" : الكرب مع الضيق ، كما أن الروح مع السعة ، ولذلك وصف الله الجنة بأن عرضها السماوات والأرض ، وجاء في الأحاديث " إن لكل مؤمن من القصور والجنان كذا وكذا " ولقد جمع الله على أهل النار أنواع البلاء ، حيث ضم إلى العذاب الشديد الضيق .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قالوا في تفسير قوله تعالى : ( مقرنين في الأصفاد ) [ إبراهيم : 49 ] : إن أهل النار مع ما هم فيه من العذاب الشديد والضيق الشديد يكونون مقرنين في السلاسل ، قرنت أيديهم إلى أعناقهم ، وقيل : يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة ، وفي أرجلهم الأصفاد ، ثم إنه سبحانه حكى عن أهل النار أنهم حينما يشاهدون هذا النوع من العقاب الشديد دعوا ثبورا ، والثبور : الهلاك ، ودعاؤهم أن يقولوا : واثبوراه ، أي يقولوا : يا ثبور ، هذا حينك وزمانك . وروى أنس مرفوعا : أول من يكسى حلة من النار إبليس ، فيضعها على جانبيه ويسحبها من خلفه ذريته وهو يقول : يا ثبوراه ، وينادون : يا ثبورهم حتى يردوا النار .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية