الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ) .

                                                                                                                                                                                                                                            لما بين حسن التكليف بقوله : ( أحسب الناس أن يتركوا ) بين أن من كلف بشيء ولم يأت به يعذب وإن لم يعذب في الحال فسيعذب في الاستقبال ولا يفوت الله شيء في الحال ولا في المآل ، وهذا إبطال مذهب من يقول : التكاليف إرشادات والإيعاد عليه ترغيب وترهيب ، ولا يوجد من الله تعذيب ، ولو كان يعذب ما كان عاجزا عن العذاب عاجلا؛ فلما كان يؤخر العقاب فقال تعالى : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ) يعني ليس كما قالوا؛ بل يعذب من يعذب ويثيب من يثيب بحكم الوعد والإيعاد ، والله لا يخلف الميعاد ، وأما الإمهال فلا يفضي إلى الإهمال ، والتعجيل في جزاء الأعمال شغل من يخاف الفوت لولا الاستعجال .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ساء ما يحكمون ) يعني حكمهم بأنهم يعصون ويخالفون أمر الله ولا يعاقبون حكم سيئ ؛ فإن الحكم الحسن لا يكون إلا حكم العقل أو حكم الشرع ، والعقل لا يحكم على الله بذلك فإن الله له أن يفعل ما يريد والشرع حكمه بخلاف ما قالوه ، فحكمهم حكم في غاية السوء والرداءة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية