الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( أتواصوا به بل هم قوم طاغون فتول عنهم فما أنت بملوم ) .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) أي بذلك القول ، وهو قولهم : ( ساحر أو مجنون ) ومعناه التعجيب ، أي كيف اتفقوا على قول واحد كأنهم تواطئوا عليه ، وقال بعضهم لبعض : لا تقولوا إلا هذا ، ثم قال : لم يكن ذلك عن التواطئ ، وإنما كان لمعنى جامع هو أن الكل أترفوا فاستغنوا فنسوا الله وطغوا فكذبوا رسله ، كما أن الملك إذا أمهل أهل بقعة ، ولم يكلفهم بشيء ، ثم قعد بعد مدة وطلبهم إلى بابه [ ص: 198 ] يصعب عليهم لاتخاذهم القصور والجنان وتحسين بلادهم من الوجوه الحسان ، فيحملهم ذلك على العصيان ، والقول بطاعة ملك آخر .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( فتول عنهم فما أنت بملوم ) هذه تسلية أخرى ، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان من كرم الأخلاق ينسب نفسه إلى تقصير ، ويقول إن عدم إيمانهم لتقصيري في التبليغ ; فيجتهد في الإنذار والتبليغ ، فقال تعالى : قد أتيت بما عليك ، ولا يضرك التولي عنهم ، وكفرهم ليس لتقصير منك ، فلا تحزن فإنك لست بملوم بسبب التقصير ، وإنما هم الملومون بالإعراض والعناد .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية