الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 119 ] ) ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى ( ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنهم اختلفوا في المراد بقوله : ( ولكل ) وفيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : إنما قال : ( ولكل ) ولم يقل لكل قوم أو أمة ؛ لأنه معروف المعنى عندهم ، فلم يضر حذف المضاف إليه ، وهو كثير في كلامهم كقوله : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) [ المائدة : 48 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : ذكروا فيه أربعة أوجه .

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنه يتناول جميع الفرق ، أعني المسلمين ، واليهود ، والنصارى ، والمشركين ، وهو قول الأصم ، قال : لأن في المشركين من كان يعبد الأصنام ويتقرب بذلك إلى الله تعالى كما حكى الله تعالى عنهم في قوله : ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) [ يونس : 18 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : وهو قول أكثر علماء التابعين ، أن المراد أهل الكتاب وهم : المسلمون واليهود والنصارى ، والمشركون غير داخلين فيه .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قال بعضهم : المراد لكل قوم من المسلمين وجهة أي جهة من الكعبة يصلي إليها : جنوبية أو شمالية ، أو شرقية ، أو غربية ، واحتجوا على هذا القول بوجهين .

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : قوله تعالى : ( هو موليها ) يعني : الله موليها ، وتولية الله لم تحصل إلا في الكعبة ؛ لأن ما عداها تولية الشيطان .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن الله تعالى عقبه بقوله : ( فاستبقوا الخيرات ) والظاهر أن المراد من هذه الخيرات ما لكل أحد من جهة ، والجهات الموصوفة بالخيرية ليست إلا جهات الكعبة .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : قال آخرون : " ولكل وجهة " أي لكل واحد من الرسل وأصحاب الشرائع جهة قبلة ، فقبلة المقربين : العرش ، وقبلة الروحانيين : الكرسي ، وقبلة الكروبيين : البيت المعمور ، وقبلة الأنبياء الذين قبلك : بيت المقدس ، وقبلتك الكعبة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية