الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( وبينات من الهدى والفرقان ) ففيه إشكال وهو أن يقال : ما معنى قوله : ( وبينات من الهدى ) بعد قوله : ( هدى ) .

                                                                                                                                                                                                                                            وجوابه من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه تعالى ذكر أولا أنه هدى ، ثم الهدى على قسمين : تارة يكون كونه هدى للناس بينا جليا ، وتارة لا يكون كذلك ، والقسم الأول لا شك أنه أفضل ، فكأنه قيل : هو هدى لأنه هو البين من الهدى ، والفارق بين الحق والباطل ، فهذا من باب ما يذكر الجنس ويعطف نوعه عليه ، لكونه أشرف أنواعه ، والتقدير كأنه قيل : هذا هدى ، وهذا بين من الهدى ، وهذا بينات من الهدى ، ولا شك أن هذا غاية المبالغات .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن يقال : القرآن هدى في نفسه ، ومع كونه كذلك فهو أيضا بينات من الهدى والفرقان ، والمراد بالهدى والفرقان : التوراة والإنجيل ، قال الله تعالى : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان ) [ آل عمران : 3 ] وقال : ( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ) [ البقرة : 53 ] وقال ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ) [ الأنبياء : 48 ] فبين تعالى وتقدس أن القرآن مع كونه هدى في نفسه ففيه أيضا هدى من الكتب المتقدمة التي هي هدى وفرقان .

                                                                                                                                                                                                                                            الثالث : أن يحمل الأول على أصول الدين ، والهدى الثاني على فروع الدين ، فحينئذ يزول التكرار والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية