الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قرأ أبو بكر عن عاصم " ولتكملوا العدة " بتشديد الميم والباقون بالتخفيف ، وهما لغتان : أكملت وكملت .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : لقائل أن يقول : ( ولتكملوا العدة ) على ماذا علق ؟

                                                                                                                                                                                                                                            جوابنا : أجمعوا على أن الفعل المعلل محذوف ، ثم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : ما قاله الفراء وهو أن التقدير : ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ، فعل جملة ما ذكر وهو الأمر بصوم العدة ، وتعليم كيفية القضاء ، والرخصة في إباحة الفطر ، وذلك لأنه تعالى لما ذكر هذه الأمور الثلاثة ذكر عقيبها ألفاظا ثلاثة ، فقوله : ( ولتكملوا العدة ) علة للأمر بمراعاة العدة ( ولتكبروا ) علة ما علمتم من كيفية القضاء ( ولعلكم تشكرون ) علة الترخص والتسهيل ، ونظير ما ذكرنا من حذف الفعل المنبه ما قبله عليه قوله تعالى : ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) [ الأنعام : 75 ] أي أريناه .

                                                                                                                                                                                                                                            الوجه الثاني : ما قاله الزجاج ، وهو أن المراد به أن الذي تقدم من التكليف على المقيم صحيح ، والرخصة للمريض والمسافر إنما هو إكمال العدة ؛ لأنه مع الطاقة يسهل عليه إكمال العدة ، ومع الرخصة في المرض والسفر يسهل إكمال العدة بالقضاء فلا يكون عسرا ، فبين تعالى أنه كلف الكل على وجه لا يكون إكمال العدة عسيرا ، بل يكون سهلا يسيرا ، والفرق بين الوجهين أن في الأول إضمارا وقع بعد قوله : ( ولتكملوا العدة ) ، وفي الثاني قبله .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : إنما قال : ( ولتكملوا العدة ) ولم يقل : ولتكملوا الشهر ، لأنه لما قال : ولتكملوا العدة دخل تحته عدة أيام الشهر وأيام القضاء لتقدم ذكرهما جميعا ؛ ولذلك يجب أن يكون عدد القضاء مثلا لعدد المقضي ، ولو قال تعالى : ولتكملوا الشهر لدل ذلك على حكم الأداء فقط ولم يدخل حكم القضاء .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية