الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السابعة : قوله : ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) يدل أن الحصول عند المشعر الحرام واجب ويكفي فيه المرور به كما في عرفة ، فأما الوقوف هناك فمسنون ، وروي عن علقمة والنخعي أنهما قالا : الوقوف بالمزدلفة ركن بمنزلة الوقوف بعرفة ، وحجتهما قوله تعالى : ( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) وذلك لأن الوقوف بعرفة لا ذكر له صريحا في الكتاب ، وإنما وجب بإشارة الآية أو بالسنة ، والمشعر الحرام فيه أمر جزم ، وقال جمهور الفقهاء : إنه ليس بركن ، واحتجوا بقوله عليه السلام : [ ص: 152 ] الحج عرفة ، فمن وقف بعرفة فقد تم حجه وبقوله : من أدرك عرفة فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة فقد فاته الحج قالوا : وفي الآية إشارة إلى ما قلنا ؛ لأن الله تعالى قال : ( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) أمر بالذكر لا بالوقوف ، فعلم أن الوقوف عند المشعر الحرام تبع للذكر ، وليس بأصل ، وأما الوقوف بعرفة فهو أصل ؛ لأنه قال : ( فإذا أفضتم من عرفات ) ولم يقل من الذكر بعرفات .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثامنة : ( المشعر ) المعلم ؛ وأصله من قولك : شعرت بالشيء إذا علمته ، وليت شعري ما فعل فلان ، أي ليس علمي بلغه وأحاط به ، وشعار الشيء أعلامه ، فسمى الله تعالى ذلك الموضع بالمشعر الحرام ؛ لأنه معلم من معالم الحج ، ثم اختلفوا فقال قائلون : المشعر الحرام هو المزدلفة ، وسماها الله تعالى بذلك ؛ لأن الصلاة والمقام والمبيت به والدعاء عنده ، هكذا قاله الواحدي في "البسيط" قال صاحب "الكشاف" : الأصح أنه قزح ، وهو آخر حد المزدلفة . والأول أقرب ؛ لأن الفاء في قوله : ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) تدل على أن الذكر عند المشعر الحرام يحصل عقيب الإفاضة من عرفات ، وما ذاك إلا بالبيتوتة بالمزدلفة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية