الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

أما التمييز فمن شرطه أن لا يزيد الدم الأسود على أكثر الحيض ولا ينقص عن أقله ، وأن لا ينقص الأحمر عن أقل الطهر ، ولا بد فيه من اختلاف لون الدم ، فتكون أقراؤه هو الحيض ، والباقي استحاضة ، فإذا رأت خمسة أسود وخمسة أحمر وخمسة أصفر ، فالأسود هو الحيض ، والأحمر والأصفر استحاضة ، ولا يشترط في الرجوع إلى التمييز تكرره في أقوى الوجهين ، وهذا ظاهر كلام أحمد ، بل نصه ، وهو قول القاضي في بعض المواضع وابن عقيل وغيرهما ، وفي الآخر : لا بد من تكرره كالعادة ، وهو قول القاضي في بعض المواضع والآمدي وغيرهما ، لا سيما إذا قدمنا العادة عليه ، فلو رأت المبتدأة في أول كل شهر خمسة أسود ، والباقي أحمر ، فالحيض أيام الدم الأسود على الوجه الأول ، لكن أول مرة تجلس يوما وليلة ؛ لأن استحاضتها لم تكن معلومة ، ثم في الشهر الثاني تجلس الدم الأسود كله ، وتقضي ما فعلته في مدة الدم الأسود أول مرة من صيام وطواف واعتكاف ، وعلى الوجه الثاني تجلس يوما وليلة ثلاث مرات على المشهور من الروايتين ، فإن تكرر بمعنى واحد صار عادة ، فتجلس الخمسة في الشهر الرابع أو الثالث على اختلاف الوجهين ، سواء كان دمها أسود أو أحمر ؛ لأنه زمن عادة ، فيقدم على التمييز ، ولو رأت المبتدأة خمسة أيام أحمر ثم أسود ، ولم يجر الأسود أكثر الحيض ، فحيضها زمن الدم الأسود ، ولا يضره تقدم الأحمر عليه كما لا يضر زمن العادة تقدم دم آخر عليها ، وعلى قولنا أن التمييز لا يفتقر إلى تكرار ، وإن قلنا : يفتقر إلى تكرار فإنها تجلس يوما وليلة أو ثلاثة ، وإن جاوز أكثر الحيض ، [ ص: 506 ] فقيل : تحيض من أول الدم الأحمر ؛ لأنه ليس لها تمييز صحيح ، فكانت كمن اتفق لون دمها ، وقيل : تحيض من أول الدم الأسود ؛ لأنه أشبه تكون دم الحيض ، ولو كان الأحمر المتقدم أكثر من الطهر الكامل بقدر حيضة مثل أن تكون ستة عشر يوما ، وباقي الشهر أسود - فعلى وجهين ؛ أحدهما : تحيض من أول الأسود كالتي قبلها . والثاني : تحيض من أول الأحمر يوما وليلة ، وتحيض الأسود ؛ لأنه يمكن أن يكونا حيضتين .

قال القاضي : ولا تحيض على هذا أكثر من يوم وليلة ؛ رواية واحدة ؛ لأنها لو حيضت غالب الحيض ونحوه لنقص ما بين الحيضتين عن أقل الطهر ، وهو يفتقر بحيضها من أوله إلى تكرره على وجهين ، ولو كان الأحمر مع الأسود أكثر من شهر ، فقيل : ليس لها تمييز صحيح ؛ لأن الغالب أن في كل شهر حيضة وطهرا ، فإذا خالف التمييز الغالب ضعف ، والصحيح أنه تمييز صحيح كما لو كان زمنه أكثر من غالب الحيض .

التالي السابق


الخدمات العلمية