الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة : ( الثامن : المباشرة لشهوة فيما دون الفرج ، فإن أنزل بها ففيها بدنة ، وإلا ففيها شاة ) .

[ ص: 218 ] في هذا الكلام مسألتان :

إحداهما : أن المحرم لا يجوز له أن يباشر لشهوة سواء في ذلك القبلة والغمز والوطء دون الفرج ، وغير ذلك ، وسواء باشر امرأة أو صبيا أو بهيمة ... ، ولا يحل له الاستمتاع ولا النظر لشهوة .

عن ميمون بن مهران : " أن عائشة سئلت ما يحل للصائم من امرأته ؟ قالت : كل شيء ما خلا الفرج ، قيل لها : ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا ؟ قالت : ما فوق الإزار ، قيل لها : ما يحرم إذا كانا محرمين ؟ قالت : كل شيء إلا كلامها " رواه أحمد .

ومن باشر لشهوة ولم ينزل لم يفسد حجه ، وقد ذكر غير واحد أن ذلك إجماع ، لكن عليه الكفارة ، وأما قدرها فذكر أصحابنا فيه روايتين :

إحداهما : عليه شاة سواء كان في الحج أو العمرة وسواء باشر بوطء دون الفرج أو بغير ذلك ، نص في رواية ابن الحكم في الذي يقبض على فرج امرأته ، قال : يهريق دم شاة تجزيه .

وقال في رواية صالح في الذي يقبل لشهوة : أكثر الناس يقولون : فيه دم ، وذكر في رواية عبد الله عن سعيد بن جبير وقتادة وأبي معشر [ ص: 219 ] والحسن والزهري وعطاء وابن شبرمة وعبد الله بن حسن بن حسن : أنه عليه دما .

قال : وروي عن عطاء قال : " يستغفر الله ولا يعد " ولم يحك عن أحد أن عليه بدنة ، وهذا اختيار الخرقي .

وقال في رواية المروذي في المحرم يقبل امرأته : عليه دم ، فإن أنزل فقد فسد حجه ; لأنه استمتاع مجرد لا إنزال معه .

والثانية : عليه بدنة في جميع المباشرات إذا كانت في الحج ، قال في رواية ابن إبراهيم في محرم وطئ دون الفرج فأنزل : فسد حجه ، فإن لم ينزل فعليه بدنة ، وهذا اختيار القاضي وأصحابه ، مثل الشريف وأبي الخطاب ; لأنه مباشرة لشهوة أوجب كفارة فكان بدنة كالوطء ، وهذا لأن جنس المباشرة أغلظ المحظورات ، فتعلق بجنسها أرفع الكفارات وهو البدنة جزاء لكل محظور بقدره ، ولا يصح الفرق بالإفساد ; لأن الإفساد يوجب القضاء ويوجب الكفارة .

والأجود إقرار نصوص الإمام ، فإن كانت المباشرة وطأ دون الفرج ففيها بدنة ، وإن كانت قبلة أو غمزا ففيها شاة ، كما فرقنا بينهما في التعزير ... .

[ ص: 220 ] وقد قال في رواية أبي طالب في محرم أتى أهله دون الفرج : فسد حجه ; لأنه قد قضى حاجته .

ولم يذكر إنزالا ، لكن قد يحمل على الغالب .

التالي السابق


الخدمات العلمية