الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل )

ويجب أن يقضي مثل الذي أفسده إن كان حجا قضى حجا ، وإن كان [ ص: 257 ] عمرة قضى عمرة ، وإن كان عمرة وحجة قضاهما . وعليه أن يحرم من أبعد الموضعين ، وهما : المكان الذي أحرم منه أولا ، وميقات بلده ؛ فلو كان أحرم بالعمرة أو الحجة الفاسدة من دون الميقات ، فعليه أن يحرم في القضاء من الميقات لأنه لا يجوز لأحد يريد الحج والعمرة أن يجاوز الميقات إلا محرما ، ولأن تركه لواجب ، أو فعله لمحظور في الأداء لا يسوغ له تعدي حدود الله في القضاء . وإن كان قد أحرم بهما من فوق الميقات ، مثل : أن يكون قد أحرم في مصر فعليه أن يحرم بالقضاء من ذلك الموضع . هذا نصه ومذهبه ؛ قال - في رواية أبي طالب - : في الرجل إذا واقع امرأته في العمرة عليهما قضاؤها من حيث أهلا بالعمرة لا يجزئهما إلا من حيث أهلا ( والحرمات قصاص ) .

وقال - في رواية ابن مشيش - : إذا أفسد الرجل الحج فعليه الحج من قابل من حيث أوجب الإحرام ، قيل له : فإن كان من أهل بغداد وقد أوجب الإحرام على نفسه ، ولم يكن له من قابل زاد ولا راحلة ، فعليه متى وجد .

وقد نص في المحصر على خلاف ذلك لما تقدم عن ابن عباس أنه قال : ويحرمان من حيث أحرما . ولم ينقل عن صحابي خلافه لقوله تعالى : ( والحرمات ) فأوجب على من انتهك حرمة ... .

فإن قيل : قد تقدم في الحديثين المرسلين : حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما ، فأحرما وتفرقا " وهو قول النخعي - وحظه من القياس [ ص: 258 ] وافر - ؛ لأن تلك المسافة قطعها بالإحرام الصحيح ، وإنما يقضي ما أفسده في المستقبل ، ويؤيد هذا : أن الواطئ بعد جمرة العقبة يقضي ما بقي عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية